الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (34) قوله تعالى: ذلك عيسى ابن مريم قول الحق : يجوز أن [ ص: 598 ] يكون "عيسى" خبرا ل "ذلك"، ويجوز أن يكون بدلا أو عطف بيان. و "قول الحق" خبره. ويجوز أن يكون "قول الحق" خبر مبتدأ مضمر، أي: هو قول، و "ابن مريم" يجوز أن يكون نعتا أو بدلا أو بيانا أو خبرا ثانيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر: "قول الحق" بالنصب والباقون بالرفع. فالرفع على ما تقدم. قال الزمخشري : "وارتفاعه على أنه خبر بعد خبر، أو بدل". قال الشيخ: "وهذا الذي ذكره لا يكون إلا على المجاز في قول: وهو أن يراد به كلمة الله; لأن اللفظ لا يكون الذات".

                                                                                                                                                                                                                                      والنصب: يجوز فيه أن يكون مصدرا مؤكدا لمضمون الجملة كقولك: "هو عبد الله الحق لا الباطل"، أي: أقول قول الحق، فالحق الصدق وهو من إضافة الموصوف إلى صفته، أي: القول الحق، كقوله: وعد الصدق ، أي: الوعد الصدق. ويجوز أن يكون منصوبا على المدح، أي: أريد بالحق الباري تعالى، و "الذي" نعت للقول إن أريد به عيسى، وسمي قولا كما سمي كلمة لأنه عنها نشأ. وقيل: هو منصوب بإضمار أعني. وقيل: هو منصوب على الحال من "عيسى". ويؤيد هذا ما نقل عن الكسائي في توجيه الرفع: أنه صفة لعيسى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الأعمش: "قال" برفع اللام، وهي قراءة ابن مسعود أيضا. وقرأ [ ص: 599 ] الحسن "قول" بضم القاف ورفع اللام، وهي مصادر لقال. يقال: قال يقول قولا وقالا وقولا، كالرهب والرهب والرهب. وقال أبو البقاء: "والقال: اسم [للمصدر] مثل: القيل، وحكي "قول الحق" بضم القاف مثل: "الروح" وهي لغة فيه". قلت: الظاهر أن هذه مصادر كلها، ليس بعضها اسما للمصدر، كما تقدم تقريره في الرهب والرهب والرهب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ طلحة والأعمش: "قال الحق" جعل "قال" فعلا ماضيا، و "الحق" فاعل به، والمراد به الباري تعالى. أي: قال الله الحق: إن عيسى هو كلمة الله، ويكون قوله: الذي فيه يمترون خبرا لمبتدأ محذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ علي بن أبي طالب والسلمي وداود بن أبي هند ونافع والكسائي في رواية عنهما: "تمترون" بتاء الخطاب. والباقون بياء الغيبة. وتمترون تفتعلون: إما من المرية وهي الشك، وإما من المراء وهو الجدال.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية