الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (71) قوله: وإن منكم إلا : في هذه الواو وجهان، أحدهما: أنها عاطفة هذه الجملة على ما قبلها. وقال ابن عطية: وإن منكم إلا واردها قسم والواو تقتضيه، ويفسره قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات له ثلاث من الولد لم تمسه النار إلا تحلة القسم". قال الشيخ: "وذهل عن قول النحويين إنه لا يستغنى عن القسم بالجواب لدلالة المعنى، إلا إذا كان الجواب باللام أو ب "إن" والجواب هنا على زعمه ب "إن" النافية فلا يجوز حذف القسم على ما نصوا. وقوله: "والواو تقتضيه" يدل على أنها عنده واو القسم، ولا يذهب نحوي إلى أن مثل هذه الواو واو قسم لأنه يلزم من ذلك حذف المجرور وإبقاء الجار، ولا يجوز ذلك إلا إن وقع في شعر أو نادر كلام بشرط أن تقوم صفة المحذوف مقامه، كما أولوا في قولهم: [ ص: 626 ] "نعم السير على بئس العير"، أي: على عير بئس العير، وقول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      3250 - والله ما ليلي بنام صاحبه

                                                                                                                                                                                                                                      أي: برجل نام صاحبه، وهذه الآية ليست من هذا الضرب; إذ لم يحذف المقسم به وقامت صفته مقامه.

                                                                                                                                                                                                                                      و "إن" حرف نفي، و "منكم" صفة لمحذوف تقديره: وإن أحد منكم. ويجوز أن يكون التقدير: وإن منكم إلا من هو واردها. وقد تقدم لذلك نظائر.

                                                                                                                                                                                                                                      والخطاب في قوله: "منكم" يحتمل الالتفات وعدمه. قال الزمخشري : "التفات إلى الإنسان، ويعضده قراءة ابن عباس وعكرمة: "وإن منهم" أو خطاب للناس من غير التفات إلى المذكور".

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 627 ] والحتم: القضاء والوجوب. حتم، أي: أوجب [وحتمه] حتما، ثم يطلق الحتم على الأمر المحتوم كقوله تعالى: هذا خلق الله و "هذا درهم ضرب الأمير". و "على ربك" متعلق ب "حتم" لأنه في معنى اسم المفعول، ولذلك وصفه ب "مقضيا".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية