الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (14) قوله تعالى: اقرأ : على إضمار القول، أي: يقال له: اقرأ، وهذا القول: إما صفة أو حال كما في الجملة قبله.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: كفى بنفسك فيه ثلاثة أوجه، المشهور عند المعربين: أن "كفى" فعل ماض، والفاعل هو المجرور بالباء، وهي فيه مزيدة، ويدل عليه أنها إذا حذفت ارتفع، كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3038 - ويخبرني عن غائب المرء هديه كفى الهدي عما غيب المرء مخبرا

                                                                                                                                                                                                                                      وقول الآخر:


                                                                                                                                                                                                                                      3039 - ... ... ... ...     كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا

                                                                                                                                                                                                                                      وعلى هذا فكان ينبغي أن يؤنث الفعل لتأنيث فاعله، وإن كان مجرورا كقوله: ما آمنت قبلهم من قرية و وما تأتيهم من آية . وقد يقال: إنه جاء على أحد الجائزين فإن التأنيث مجازي. والثاني: أن الفاعل ضمير المخاطب، و "كفى" على هذا اسم فعل أمر، أي: اكتف، وهو ضعيف لقبول "كفى" علامات الأفعال. الثالث: أن فاعل "كفى" ضمير يعود على [ ص: 325 ] الاكتفاء، وقد تقدم الكلام على هذا مستوفى. و "اليوم" نصب ب "كفى".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "حسيبا" فيه وجهان، أحدهما: أنه تمييز. قال الزمخشري : وهو بمعنى حاسب، كضريب القداح بمعنى ضاربها، وصريم بمعنى صارم، ذكرهما سيبويه، و "على" متعلقة به من قولك: حسب عليه كذا، ويجوز أن يكون بمعنى الكافي ووضع موضع الشهيد، فعدي ب "على" لأن الشاهد يكفي المدعي ما أهمه. فإن قلت: لم ذكر "حسيبا"؟ قلت: لأنه بمنزلة الشاهد والقاضي والأمين، وهذه الأمور يتولاها الرجال فكأنه قيل: كفى بنفسك رجلا حسيبا، ويجوز أن تتأول النفس بمعنى الشخص، كما يقال: ثلاثة أنفس. قلت: ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      3040 - ثلاثة أنفس وثلاث ذود     لقد جار الزمان على عيالي

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه منصوب على الحال، وذكر لما تقدم. وقيل: حسيب بمعنى محاسب كخليط وجليس بمعنى: مخالط ومجالس.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية