الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (110) قوله تعالى: أيا ما تدعوا : "أيا" منصوب ب "تدعوا" على المفعول به، والمضاف إليه محذوف، أي: أي الاسمين. و "تدعوا" مجزوم بها فهي عاملة معمولة، وكذلك الفعل، والجواب الجملة الاسمية من قوله: فله الأسماء الحسنى . وقيل: هو محذوف تقديره: جاز، ثم استأنف فقال: فله الأسماء الحسنى. وليس بشيء.

                                                                                                                                                                                                                                      والتنوين في "أيا" عوض من المضاف إليه. وفي "ما" قولان، أحدهما: أنها مزيدة للتأكيد. والثاني: أنها شرطية جمع بينهما تأكيدا كما جمع بين حرفي الجر للتأكيد، وحسنه اختلاف اللفظ كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3119 - فأصبحن لا يسألنني عن بما به ... ... ... ...

                                                                                                                                                                                                                                      ويؤيد هذا ما قرأ به طلحة بن مصرف: "أيا من تدعوا" فقيل: "من" تحتمل الزيادة على رأي الكسائي كقوله في قوله:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 430 ]

                                                                                                                                                                                                                                      3120 - يا شاة من قنص لمن حلت له      ... ... ... ...

                                                                                                                                                                                                                                      واحتمل أن تكون شرطية، وجمع بينهما تأكيدا لما تقدم. و "تدعوا" هنا يحتمل أن يكون من الدعاء وهو النداء فيتعدى لواحد، وأن يكون بمعنى التسمية فيتعدى لاثنين، إلى الأول بنفسه، وإلى الثاني بحرف الجر، ثم يتسع في الجار فيحذف كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3121 - دعتني أخاها أم عمرو      ... ... ... ...

                                                                                                                                                                                                                                      والتقدير: قل: ادعوا معبودكم بالله أو بالرحمن بأي الاسمين سميتموه. وممن ذهب إلى كونها بمعنى "سمى" الزمخشري .

                                                                                                                                                                                                                                      ووقف الأخوان على "أيا" بإبدال التنوين ألفا، ولم يقفا على "ما" تبيينا لانفصال "أي" من "ما". ووقف غيرهما على "ما" لامتزاجها ب "أي"، ولهذا فصل بها بين "أي" وبين ما أضيفت إليه في قوله تعالى: أيما الأجلين . وقيل: "ما" شرطية عند من وقف على "أيا" وجعل المعنى: أي الاسمين دعوتموه به جاز ثم استأنف: ما تدعوا فله الأسماء الحسنى يعني أن "ما" شرط ثان، و "فله الأسماء" جوابه، وجواب الأول مقدر. وهذا مردود بأن "ما" لا تطلق على آحاد أولي العلم، وبأن الشرط يقتضي عموما، ولا يصح هنا، وبأن فيه حذف الشرط والجزاء معا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية