الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (76) قوله: فلا تصاحبني : العامة على "تصاحبني" من المفاعلة. وعيسى ويعقوب: "فلا تصحبني" من صحبه يصحبه. وأبو عمرو في رواية وأبي بضم التاء من فوق وكسر الحاء، من أصحب يصحب، ومفعوله محذوف تقديره: فلا تصحبني نفسك. وقرأ أبي: "فلا تصحبني علمك" فأظهر المفعول.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: من لدني العامة على ضم الدال وتشديد النون. وذلك أنهم [ ص: 531 ] أدخلوا نون الوقاية على "لدن" لتقيها من الكسر محافظة على سكونها، كما حوفظ على سكون نون "من" و "عن" فألحقت بهما نون الوقاية فيقولون: مني وعني بالتشديد.

                                                                                                                                                                                                                                      ونافع بتخفيف النون. والوجه فيه: أنه لم يلحق نون الوقاية ل "لدن". إلا أن سيبويه منع من ذلك وقال: "لا يجوز أن تأتي ب "لدن" مع ياء المتكلم دون نون وقاية". وهذه القراءة حجة عليه. فإن قيل: لم لا يقال: إن هذه النون نون الوقاية، وإنما اتصلت ب "لد" لغة في "لدن" حتى يتوافق قول سيبويه مع هذه القراءة؟ قيل: لا يصح ذلك من وجهين، أحدهما: أن نون الوقاية إنما جيء بها لتقي الكلمة الكسر محافظة على سكونها. ودون النون لا يسكنون; لأن الدال مضمومة، فلا حاجة إلى النون.

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن سيبويه يمنع أن يقال: "لدني" بالتخفيف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد حذفت النون من "عن" و "من" في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3183 - أيها السائل عنهم وعني لست من قيس ولا قيس مني

                                                                                                                                                                                                                                      ولكن تحتمل هذه القراءة أن تكون النون فيها أصلية، وأن تكون للوقاية على أنها دخلت على "لد" الساكنة الدال، لغة في "لدن" فالتقى ساكنان [ ص: 532 ] فكسرت نون الوقاية على أصلها. وإذا قلنا بأن النون أصلية فالسكون تخفيف كتسكين ضاد "عضد" وبابه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو بكر بسكون الدال وتخفيف النون أيضا، ولكنه أشم الدال الضم منبهة على الأصل. واختلف القراء في هذا الإشمام، فقائل: هو إشارة بالعضو من غير صوت كالإشمام الذي في الوقف، وهذا هو المعروف. وقائل: هو إشارة للحركة المدركة بالحس فهو كالروم في المعنى، يعني: أنه إتيان ببعض الحركة. وقد تقدم هذا محررا في يوسف عند قوله: لا تأمنا ، وفي قوله في هذه السورة: "من لدنه" في قراءة شعبة أيضا، وتقدم لك بحث يعود مثله هنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عيسى وأبو عمرو في رواية: "عذرا" بضمتين. وعن أبي عمرو أيضا: "عذري" مضافا لياء المتكلم.

                                                                                                                                                                                                                                      و من لدني متعلق ب "بلغت"، أو بمحذوف على أنه حال من "عذرا".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية