الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (64) قوله: وما نتنزل : قال ابن عطية: "الواو عاطفة جملة كلام على أخرى، واصلة بين القولين وإن لم يكن معناهما واحدا". وقد أغرب النقاش في حكايته لقول: وهو أن قوله: وما نتنزل ، متصل بقوله: قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك . وقال أبو البقاء: "وما نتنزل، أي: وتقول الملائكة"، فجعله معمولا لقول مضمر. وقيل: هو من كلام أهل الجنة وهو أقرب مما قبله.

                                                                                                                                                                                                                                      ونتنزل مطاوع نزل بالتشديد ويقتضي العمل في مهلة وقد لا يقتضيها. قال الزمخشري : "التنزل على معنيين: معنى النزول على مهل، ومعنى [ ص: 615 ] النزول على الإطلاق كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3244 - فلست لإنسي ولكن لملأك تنزل من جو السماء يصوب

                                                                                                                                                                                                                                      لأنه مطاوع نزل، ونزل يكون بمعنى أنزل، ويكون بمعنى التدريج، واللائق بهذا الموضع هو النزول على مهل، والمراد: أن نزولنا في الأحايين وقتا غب وقت". قلت: وقد تقدم أنه يفرق بين نزل وأنزل في أول هذا الموضع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة: "نتنزل" بنون الجمع. وقرأ الأعرج: "يتنزل" بياء الغيبة. وفي الفاعل حينئذ قولان، أحدهما: أنه ضمير جبريل. قال ابن عطية: "ويرده قوله: "له ما بين أيدينا وما خلفنا" لأنه يطرد معه، وإنما يتجه أن يكون خبرا عن جبريل أن القرآن لا يتنزل إلا بأمر الله في الأوقات التي يقدرها". وقد يجاب عما قال ابن عطية: بأنه على إضمار القول: أي: قائلا: "له ما بين أيدينا".

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أنه يعود على الوحي، وكذا قال الزمخشري على الحكاية عن جبريل، والضمير للوحي، ولا بد من إضمار هذا القول الذي ذكرته أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: له ما بين أيدينا استدل بعض النحاة على أن الأزمنة ثلاثة: [ ص: 616 ] ماض وحاضر ومستقبل بهذه الآية، وهو كقول زهير:


                                                                                                                                                                                                                                      3245 - وأعلم علم اليوم والأمس قبله     ولكنني عن علم ما في غد عم

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية