الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (76) قوله تعالى: وإذا لا يلبثون : قرأ العامة برفع الفعل بعد "إذن" ثابت النون، وهي مرسومة في مصاحف العامة. ورفعه وعدم [ ص: 394 ] إعمال "إذن" فيه ثلاثة أوجه، أنها توسطت بين المعطوف والمعطوف عليه. قال الزمخشري : "فإن قلت: ما وجه القراءتين؟، قلت: أما الشائعة - يعني برفع الفعل- فقد عطف فيها الفعل على الفعل، وهو مرفوع لوقوعه خبر كاد، وخبر "كاد" واقع موقع الاسم". قلت: فيكون "لا يلبثون" عطفا على قوله "ليستفزونك".

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أنها متوسطة بين قسم محذوف وجوابه، فألغيت لذلك، والتقدير: ووالله إذن لا يلبثون.

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أنها متوسطة بين مبتدأ محذوف وخبره، فألغيت لذلك، والتقدير: وهم إذن لا يلبثون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبي بحذف النون، فنصبه بإذن عند الجمهور، وب "أن" مضمرة بعدها من غيرهم، وفي مصحف عبد الله: "لا يلبثوا" بحذفها. ووجه النصب أنه لم يجعل الفعل معطوفا على ما تقدم ولا جوابا ولا خبرا. قال الزمخشري : وأما قراءة أبي ففيها الجملة برأسها التي هي: إذا لا يلبثوا، عطف على جملة قوله: وإن كادوا ليستفزونك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عطاء: لا يلبثون بضم الياء وفتح اللام والباء، مشددة مبنيا للمفعول، من لبثه بالتشديد. وقرأها يعقوب كذلك إلا أنه كسر الباء، جعله مبنيا للفاعل.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "خلافك" قرأ الأخوان وابن عامر وحفص: "خلافك" بكسر الخاء وألف بعد اللام، والباقون بفتح الخاء وسكون اللام. والقراءتان بمعنى [ ص: 395 ] واحد. وأنشدوا في ذلك:


                                                                                                                                                                                                                                      3089 - عفت الديار خلافهم فكأنما بسط الشواطب بينهن حصيرا

                                                                                                                                                                                                                                      وقال تعالى: خلاف رسول الله والمعنى: بعد خروجك. وكثر إضافة قبل وبعد ونحوهما إلى أسماء الأعيان على حذف مضاف، فيقدر من قولك: جاء زيد قبل عمرو: أي: قبل مجيئه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: إلا قليلا يجوز أن تكون صفة لمصدر أو لزمان محذوف، أي: لبثا قليلا، أو إلا زمانا قليلا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية