الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (46) قوله تعالى: أراغب أنت : يجوز فيه وجهان، أحدهما: أن يكون "راغب" مبتدأ لاعتماده على همزة الاستفهام، و "أنت" فاعل سد مسد الخبر. والثاني: أنه خبر مقدم، و "أنت" مبتدأ مؤخر ورجح الأول بوجهين، [ ص: 606 ] أحدهما: أنه ليس فيه تقديم ولا تأخير; إذ رتبة الفاعل التأخير عن رافعه. والثاني: أنه لا يلزم فيه الفصل بين العامل ومعموله بما ليس معمولا للعامل; وذلك لأن عن آلهتي متعلق ب "راغب"، فإذا جعل "أنت" فاعلا فقد فصل بما هو كالجزء من العامل، بخلاف جعله خبرا فإنه أجنبي إذ ليس معمولا ل "راغب".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "مليا" في نصبه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه منصوب على الظرف الزماني، أي: زمنا طويلا، ومنه "الملوان" لليل والنهار، وملاوة الدهر بتثليث الميم قال:


                                                                                                                                                                                                                                      3240 - فعسنا بها من الشباب ملاوة فالحج آيات الرسول المحبب

                                                                                                                                                                                                                                      وأنشد السدي على ذلك لمهلهل:


                                                                                                                                                                                                                                      3241 - فتصدعت صم الجبال لموته     وبكت عليه المرملات مليا

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه منصوب على الحال معناه: سالما سويا. كذا فسره ابن عباس: فهو حال من فاعل "اهجرني"، وكذلك فسره ابن عطية قال: "معناه: مستبدا، أي: غنيا من قولهم هو ملي بكذا وكذا". قال الزمخشري : "أي: مطيقا" والثالث: أنه نعت لمصدر محذوف، أي: هجرا مليا يعني: واسعا متطاولا كتطاول الزمان الممتد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية