الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 632 ] آ. (75) قوله: من كان في الضلالة : "من" يجوز أن تكون شرطية، وهو الظاهر، وأن تكون موصولة، ودخلت الفاء في الخبر لما تضمنه الموصول من معنى الشرط. وقوله: "فليمدد" فيه وجهان، أحدهما: أنه طلب على بابه، ومعناه الدعاء. والثاني: لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر. قال الزمخشري : أي: مد له الرحمن، بمعنى أمهله فأخرج على لفظ الأمر إيذانا بوجوب ذلك. أو فمد له في معنى الدعاء بأن يمهله الله وينفس في مدة حياته.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "حتى إذا" في "حتى" هذه ما تقدم في نظائرها من كونها: حرف جر أو حرف ابتداء، وإنما الشأن فيما هي غاية له على كلا القولين. فقال الزمخشري : "وفي هذه الآية وجهان: أن تكون موصولة، بالآية التي هي رابعتها، والآيتان اعتراض بينهما، أي: قالوا: أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا، حتى إذا رأوا ما يوعدون، أي: لا يبرحون يقولون هذا القول ويتولعون [به] لا يتكافون عنه إلى أن يشاهدوا الموعود رأي العين" وذكر كلاما حسنا.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم قال: "والثاني: أن تتصل بما يليها، والمعنى أن الذين في الضلالة ممدود لهم"، وذكر كلاما طويلا. ثم قال: إلى أن يعاينوا نصرة الله للمؤمنين، أو يشاهدوا الساعة ومقدماتها. فإن قلت: "حتى" هذه ما هي؟ [ ص: 633 ] قلت: هي التي تحكى بعدها الجمل، ألا ترى الجملة الشرطية واقعة بعدها، وهي: "إذا رأوا ما يوعدون... فسيعلمون".

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ: - مستبعدا للوجه الأول - "وهو في غاية البعد لطول الفصل بين قوله: "قالوا أي الفريقين" وبين الغاية، وفيه الفصل بجملتي اعتراض ولا يجيزه أبو علي". وهذا الاستبعاد قريب. وقال أبو البقاء: "حتى" يحكى ما بعدها ههنا، وليست متعلقة بفعل.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: إما العذاب وإما الساعة قد عرفت [ما] في "إما": من كونها حرف عطف أولا، ولا خلاف أن أحد معانيها التفصيل كما في الآية الكريمة. و "العذاب" و "الساعة" بدلان من قوله: ما يوعدون المنصوبة ب "رأوا" و "فسيعلمون" جواب الشرط.

                                                                                                                                                                                                                                      و من هو شر مكانا يجوز أن تكون "من" موصولة بمعنى الذي، وتكون مفعولا ل "يعلمون". ويجوز أن تكون استفهامية في محل رفع بالابتداء، و "هو" مبتدأ ثان، و "شر" خبره، والمبتدأ والخبر خبر الأول. ويجوز أن تكون الجملة معلقة لفعل الرؤية فالجملة في محل نصب على التعليق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية