الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (46) قوله تعالى: وحده : فيه وجهان، أحدهما: أنه منصوب على الحال، وإن كان معرفة لفظا، لأنه في قوة النكرة; إذ هو في معنى "منفردا"، وهل هو مصدر أو اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع الحال، ف "وحده" وضع موضع "إيحاد" و "إيحاد" وضع موضع "موحد" وهو مذهب سيبويه، أو هو مصدر على حذف الزوائد، إذ يقال: أوحده يوحده إيحادا، أو هو مصدر بنفسه ل "وحد" ثلاثيا. قال الزمخشري : وحد يحد وحدا وحدة نحو: وعد يعد وعدا وعدة، و "وحده" من باب: "رجع عوده على بدئه"، و "افعله جهدك وطاقتك" في أنه مصدر ساد مسد الحال، أصله يحد وحده، بمعنى واحدا. قلت: وقد عرفت أن هذا ليس مذهب سيبويه.

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه منصوب على الظرف، وهو قول يونس. واعلم أن هذه الحال بخصوصها - أعني لفظة "وحده" - إذا وقعت بعد فاعل ومفعول نحو: "ضرب زيد عمرا وحده" فمذهب سيبويه: أنه حال من الفاعل، أي: [ ص: 364 ] موحدا له بالضرب. ومذهب المبرد: أنه يجوز أن يكون حالا من المفعول. قال الشيخ: "فعلى مذهب سيبويه يكون التقدير: وإذا ذكرت ربك موحدا لله، وعلى مذهب المبرد يجوز أن يكون التقدير: موحدا بالذكر".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "نفورا" فيه وجهان: أحدهما: أنه مصدر على غير الصدر; لأن التولي والنفور بمعنى. والثاني: أنه حال من فاعل "ولوا" وهو حينئذ جمع نافر، كقاعد وقعود وجالس وجلوس. والضمير في "ولوا" الظاهر عوده على الكفار. وقيل: يعود على الشياطين، وإن لم يجر لهم ذكر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية