الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (31) قوله تعالى: خطئا : قرأ ابن ذكوان: "خطأ" بفتح الخاء والطاء من غير مد، وابن كثير بكسر الخاء والمد، ويلزم منه فتح الطاء، والباقون بالكسر وسكون الطاء.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما قراءة ابن ذكوان فخرجها الزجاج على وجهين: أحدهما: أن يكون اسم مصدر من أخطأ يخطئ خطأ، أي: إخطاء، إذا لم يصب. والثاني: أن يكون مصدر خطئ يخطأ خطأ، إذا لم يصب أيضا، وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      3055 - والناس يلحون الأمير إذا هم خطئوا الصواب ولا يلام المرشد

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى على هذين الوجهين: أن قتلهم كان غير صواب. واستبعد قوم هذه القراءة، قالوا: لأن الخطأ ما لم يتعمد فلا يصح معناه ههنا.

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: وخفي عنهم أن يكون بمعنى أخطأ، أو أنه يقال: "خطئ" إذا لم يصب.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما قراءة ابن كثير فهي مصدر خاطأ يخاطئ خطاء مثل: قاتل يقاتل قتالا. قال أبو علي: "هي مصدر خاطأ يخاطئ، وإن كنا لم نجد "خاطأ" [ ص: 347 ] ولكن وجدنا تخاطأ وهو مطاوع "خاطأ" فدلنا عليه، ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      3056 - تخاطأت النبل أحشاءه     وأخر يومي فلم يعجل

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الآخر:


                                                                                                                                                                                                                                      3057 - تخاطأه القناص حتى وجدته     وخرطومه في منقع الماء راسب

                                                                                                                                                                                                                                      فكأن هؤلاء الذين يقتلون أولادهم يخاطئون الحق والعدل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد طعن قوم على هذه القراءة حتى قال أبو جعفر: "لا أعرف لهذه القراءة وجها"، ولذلك جعلها أبو حاتم غلطا. قلت: قد عرفه غيرهما ولله الحمد.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما قراءة الباقين فهي جيدة واضحة لأنها من قولهم: خطئ يخطأ خطئا، كأثم يأثم إثما، إذا تعمد الكذب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الحسن: "خطاء" بفتح الخاء والمد وهو اسم مصدر "أخطأ" كالعطاء اسم للإعطاء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أيضا: "خطا" بالقصر، وأصله: "خطأ" كقراءة ابن ذكوان، إلا أنه سهل الهمزة بإبدالها ألفا فحذفت كعصا.

                                                                                                                                                                                                                                      وأبو رجاء والزهري كذلك، إلا أنهما كسرا الخاء ك "زنى" وكلاهما من خطئ في الدين، وأخطأ في الرأي، وقد يقام كل منهما مقام الآخر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 348 ] وقرأ ابن عامر في رواية: "خطئا" بالفتح والسكون والهمز، مصدر "خطئ" بالكسر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن وثاب والأعمش: "تقتلوا"، و "خشية" بكسر الخاء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية