الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (47) قوله تعالى: مخلف وعده : العامة على إضافة "مخلف" إلى "وعده" وفيها وجهان، أظهرهما: أن "مخلف" يتعدى لاثنين كفعله، فقدم المفعول الثاني، وأضيف إليه اسم الفاعل تخفيفا نحو: "هذا [ ص: 128 ] كاسي جبة زيدا" قال الفراء وقطرب: "لما تعدى إليهما جميعا لم يبال بالتقديم والتأخير". وقال الزمخشري : "فإن قلت: هلا قيل: مخلف رسله وعده، ولم قدم المفعول الثاني على الأول؟ قلت: قدم الوعد ليعلم أنه لا يخلف الوعد، ثم قال: "رسله" ليؤذن أنه إذا لم يخلف وعده أحدا وليس من شأنه إخلاف المواعيد كيف يخلفه رسله".

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو البقاء: "هو قريب من قولهم:


                                                                                                                                                                                                                                      2912 - يا سارق الليلة أهل الدار

                                                                                                                                                                                                                                      وأنشد بعضهم نظير الآية الكريمة قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      2913 - ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه     وسائره باد إلى الشمس أجمع

                                                                                                                                                                                                                                      والحسبان هنا: الأمر المنتفي، كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2914 - فلا تحسبن أني أضل منيتي     فكل امرئ كأس الحمام يذوق

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 129 ] الثاني: أنه متعد لواحد، وهو "وعده"، وأما "رسله" فمنصوب بالمصدر، فإنه ينحل لحرف مصدري وفعل تقديره: مخلف ما وعد رسله، فـ "ما" مصدرية لا بمعنى الذي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأت جماعة: (مخلف وعد رسله) بنصب "وعده" وجر "رسله" فصلا بالمفعول بين المتضايفين، وهي كقراءة ابن عامر: (قتل أولادهم شركائهم) قال الزمخشري جرأة منه: وهذه في الضعف كمن قرأ: (قتل أولادهم شركائهم).

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية