الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (38) قوله تعالى: أسمع بهم وأبصر : هذا لفظه أمر ومعناه التعجب، وأصح الأعاريب فيه كما تقرر في علم النحو: أن فاعله هو المجرور بالباء، والباء زائدة، وزيادتها لازمة إصلاحا للفظ، لأن أفعل أمرا لا يكون فاعله إلا ضميرا مستترا، ولا يجوز حذف هذه الباء إلا مع أن وأن كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3239 - تردد فيها ضوءها وشعاعها فأحصن وأزين لامرئ أن تسربلا

                                                                                                                                                                                                                                      أي: بأن تسربل، فالمجرور مرفوع المحل، ولا ضمير في أفعل. ولنا قول ثان: أن الفاعل مضمر، والمراد به المتكلم كأن المتكلم يأمر نفسه بذلك والمجرور بعده في محل نصب، ويعزى هذا للزجاج.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 603 ] ولنا قول ثالث: أن الفاعل ضمير المصدر، والمجرور منصوب المحل أيضا، والتقدير: أحسن يا حسن بزيد. ولشبه هذا الفاعل عند الجمهور بالفضلة لفظا جاز حذفه للدلالة عليه كهذه الآية فإن تقديره: وأبصر بهم. وفيه أبحاث موضوعها كتب النحو.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يوم يأتوننا معمول ل "أبصر". ولا يجوز أن يكون معمولا ل "أسمع" لأنه لا يفصل بين فعل التعجب ومعموله، ولذلك كان الصحيح أنه لا يجوز أن تكون المسألة من التنازع. وقد جوزه بعضهم ملتزما إعمال الثاني، وهو خلاف قاعدة الإعمال. وقيل: بل هو أمر حقيقة، والمأمور به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعنى: أسمع الناس وأبصرهم بهم وبحديثهم: ماذا يصنع بهم من العذاب؟ وهو منقول عن أبي العالية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: "اليوم" منصوب بما تضمنه الجار من قوله: "في ضلال مبين"، أي: لكن الظالمون استقروا في ضلال مبين اليوم. ولا يجوز أن يكون هذا الظرف هو الخبر، والجار لغو; لئلا يخبر عن الجثة بالزمان بخلاف قولك: القتال اليوم في دار زيد، فإنه يجوز الاعتباران.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية