الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (8) قوله تعالى: الله يعلم : يجوز في الجلالة وجهان، أحدهما: أنها خبر مبتدأ مضمر، [أي: هو الله، وهذا] على قول من فسر هاديا بأنه هو الله تعالى، فكأن هذه الجملة تفسير له، وهذا عنى الزمخشري بقوله: وأن يكون المعنى: هو الله تفسيرا لهاد على الوجه الأخير، ثم ابتدأ [ ص: 22 ] فقال: "يعلم". والثاني: أن الجلالة مبتدأ و "يعلم" خبرها، وهو كلام مستأنف مستقل.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ: "ويعلم هنا متعدية إلى واحد، لأنه لا يراد هنا النسبة، إنما المراد تعلق العلم بالمفردات". قلت: وإذا كانت كذلك كانت عرفانية، وقد قدمت أنه لا ينبغي أن يجوز نسبة هذا إلى الله تعالى، وحققته فيما تقدم، فعليك باعتباره في موضعه من سورة الأنفال.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ما تحمل : "ما" تحتمل ثلاثة أوجه، أحدها: أن تكون موصولة اسمية، والعائد محذوف، أي: ما تحمله. والثاني: أن تكون مصدرية فلا عائد. والثالث: أن تكون استفهامية، وفي محلها وجهان، أحدهما: أنها في محل رفع بالابتداء، و "تحمل" خبره، والجملة معلقة للعلم. والثاني: أنها في محل نصب بـ "تحمل" قاله أبو البقاء، وهو أولى، لأنه لا يحوج إلى حذف عائد، ولا سيما عند البصريين فإنهم لا يجيزون "زيد ضربت"، ولم يذكر الشيخ غير هذا، ولم يتعرض لهذا الاعتراض.

                                                                                                                                                                                                                                      و "ما" في قوله: "وما تغيض... وما تزداد" محتملة للأوجه المتقدمة. وغاض وزاد سمع تعديهما ولزومهما، فلك أن تدعي حذف العائد على القول بتعديهما، وأن تجعلها مصدرية على القول بمصدرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "عنده" يجوز أن يكون مجرور المحل صفة لشيء، أو مرفوعه [ ص: 23 ] صفة لـ "كل"، أو منصوبه لقوله "بمقدار" أو ظرفا للاستقرار الذي تعلق به الجار لوقوعه خبرا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية