الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (74) قوله: زكية : قرأ "زاكية" بألف وتخفيف الياء نافع وابن كثير وأبو عمرو. وبدون الألف وتشديد الياء الباقون. فمن قرأ "زاكية" فهو اسم فاعل على أصله. ومن قرأ: "زكية" فقد أخرجه إلى فعيلة للمبالغة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 529 ] والغلام: من لم يبلغ. وقد يطلق على البالغ الكبير. فقيل: مجازا باعتبار ما كان. ومنه قول ليلى:


                                                                                                                                                                                                                                      3181 - شفاها من الداء الذي قد أصابها غلام إذا هز القناة شفاها

                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      3182 - تلق ذباب السيف عني فإنني     غلام إذا هوجيت لست بشاعر

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: بل هو حقيقة لأنه من الإغلام وهو السبق، وذلك إنما يكون في الإنسان المحتلم. وقد تقدم ترتيب أسماء الآدمي من لدن هو جنين إلى أن يصير شيخا، ولله الحمد.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري : "فإن قلت: لم قيل: "حتى إذا ركبا في السفينة خرقها" بغير فاء، و "حتى إذا لقيا غلاما فقتله" بالفاء؟ قلت: جعل "خرقها" جزاء للشرط، وجعل "قتله" من جملة الشرط معطوفا عليه، والجزاء "قال: أقتلت". فإن قلت: لم خولف بينهما؟ قلت: لأن الخرق لم يتعقب الركوب، وقد تعقب القتل لقاء الغلام".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: بغير نفس فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنها متعلقة ب "قتلت". الثاني: أنها متعلقة بمحذوف على أنها حال من الفاعل أو من المفعول، [ ص: 530 ] أي: قتلته ظالما أو مظلوما، كذا قدره أبو البقاء. وهو بعيد جدا. الثالث: أنها صفة لمصدر محذوف، أي: قتلا بغير نفس.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "نكرا" قرأ نافع وأبو بكر وابن ذكوان بضمتين، والباقون بضمة وسكون. وهما لغتان، أو أحدهما أصل. و "شيئا": يجوز أن يراد به المصدر، أي: مجيئا نكرا، وأن يراد به المفعول به، أي: جئت أمرا منكرا. وهل النكر أبلغ من الإمر أو بالعكس. فقيل: الإمر أبلغ; لأن قتل أنفس بسبب الخرق أعظم من قتل نفس واحدة. وقيل: بل النكر أبلغ لأن معه القتل الحتم، بخلاف خرق السفينة فإنه يمكن تداركه، ولذلك قال: ألم أقل لك ولم يأت ب "لك" مع "إمرا".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية