الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (8) قوله: عتيا : فيه أربعة أوجه، أظهرها: أنه مفعول به، أي: بلغت عتيا من الكبر، فعلى هذا: من الكبر يجوز أن يتعلق ب "بلغت"، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من "عتيا" لأنه في الأصل صفة له كما قدرته لك. الثاني: أن يكون مصدرا مؤكدا من الفعل، لأن بلوغ [ ص: 570 ] الكبر في معناه. الثالث: أنه مصدر واقع موقع الحال من فاعل "بلغت"، أي: عاتيا أو ذا عتي. الرابع: أنه تمييز. وعلى هذه الأوجه الثلاثة ف "من" مزيدة، ذكره أبو البقاء، والأول هو الوجه.

                                                                                                                                                                                                                                      والعتو: بزنة فعول، وهو مصدر عتا يعتو، أي: يبس وصلب. قال الزمخشري : "وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام كالعود القاحل، يقال: عتا العود وجسا، أو بلغت من مدارج الكبر ومراتبه ما يسمى عتيا"، يريد بقوله: "أو بلغت" أنه يجوز أن يكون من عتا يعتو، أي: فسد.

                                                                                                                                                                                                                                      والأصل: عتوو بواوين فاستثقل واوان بعد ضمتين، فكسرت التاء تخفيفا فانقلبت الواو الأولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، فاجتمع ياء وواو، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء الأولى. وهذا الإعلال جار في المفرد كهذا، والجمع نحو: "عصي" إلا أن الكثير في المفرد التصحيح كقوله: "وعتوا عتوا كبيرا" وقد يعل كهذه الآية، والكثير في الجمع الإعلال، وقد يصحح نحو: "إنكم لتنظرون في نحو كثيرة"، وقالوا: فتي وفتو.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 571 ] وقرأ الأخوان "عتيا" و "صليا" و "بكيا" و "جثيا" بكسر الفاء للإتباع، والباقون بالضم على الأصل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عبد الله بن مسعود بفتح الأول من "عتيا" و "صليا" جعلهما مصدرين على زنة فعيل كالعجيج والرحيل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عبد الله ومجاهد: "عسيا" بضم العين وكسر السين المهملة. وتقدم اشتقاق هذه اللفظة في الأعراف وتصريفها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية