الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (79) قوله: لمساكين : العامة على تخفيف السين، جمع "مسكين". وقرأ علي أمير المؤمنين كرم الله وجهه بتشديدها جمع "مساك". وفيه قولان، أحدهما: أنه الذي يمسك سكان السفينة. وفيه بعض مناسبة. والثاني: أنه الذي يدبغ المسوك جمع "مسك" بفتح الميم وهي الجلود. وهذا بعيد، لقوله: يعملون في البحر . ولا أظنها إلا تحريفا على أمير المؤمنين. و "يعملون" صفة لمساكين.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وراءهم ملك "وراء" هنا قيل: يراد بها المكان. وقيل: الزمان. واختلف أيضا فيها: هل هي على حقيقتها أو بمعنى أمام؟ وأنشدوا على هذا الثاني:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 537 ]

                                                                                                                                                                                                                                      3189 - أليس ورائي أن أدب على العصا فيأمن أعدائي ويسأمني أهلي

                                                                                                                                                                                                                                      وقول لبيد:


                                                                                                                                                                                                                                      3190 - أليس ورائي إن تراخت منيتي     لزوم العصا تحنى عليها الأصابع

                                                                                                                                                                                                                                      وقول سوار بن المضرب السعدي:


                                                                                                                                                                                                                                      3191 - أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي     وقومي تميم والفلاة ورائيا

                                                                                                                                                                                                                                      ومثله قوله تعالى: من ورائه جهنم ، أي: بين يديه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "غصبا" فيه أوجه، أحدها: أنه مصدر في موضع الحال، أو منصوب على المصدر المبين لنوع الأخذ، أو منصوب على المفعول له. وهو بعيد في المعنى. وادعى الزمخشري أن في الكلام تقديما وتأخيرا فقال: "فإن قلت: قوله: "فأردت أن أعيبها" مسبب عن خوف الغصب عليها فكان حقه أن يتأخر عن السبب فلم قدم عليه؟ قلت: النية به التأخير، وإنما قدم للعناية به، ولأن خوف الغصب ليس هو السبب وحده، ولكن مع كونها للمساكين، فكان بمنزلة قولك: زيد ظني مقيم".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية