الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (82) قوله تعالى: من القرآن : في "من" هذه ثلاثة أوجه، أحدها: أنها لبيان الجنس، قاله الزمخشري ، وابن عطية وأبو البقاء. ورد الشيخ عليهم: بأن التي للبيان لا بد أن يتقدمها ما تبينه، لا أن تتقدم هي عليه، وهنا قد وجد تقديمها عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أنها للتبعيض، وأنكره الحوفي قال: "لأنه يلزم أن لا يكون بعضه [ ص: 403 ] شفاء". وأجيب عنه: بأن إنزاله إنما هو مبعض. وهذا الجواب ليس بظاهر. وأجاب أبو البقاء بأن منه ما يشفي من المرض. قلت: وهذا قد وجد بدليل رقية بعض الصحابة سيد الحي الذي لدغ، بالفاتحة فشفي.

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أنها لابتداء الغاية وهو واضح.

                                                                                                                                                                                                                                      والجمهور على رفع "شفاء ورحمة" خبرين ل "هو"، والجملة صلة ل "ما" وزيد بن علي بنصبهما، وخرجت قراءته على نصبهما على الحال، والصلة حينئذ "للمؤمنين" وقدمت الحال على عاملها المعنوي كقوله: والسماوات مطويات بيمينه في قراءة من نصب "مطويات". وقول النابغة:


                                                                                                                                                                                                                                      3100 - رهط ابن كوز محقبي أدراعهم فيهم ورهط ربيعة بن حذار

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: منصوبان بإضمار فعل، وهذا [عند] من يمنع تقديمها على عاملها المعنوي. وقال أبو البقاء: "وأجاز الكسائي: "ورحمة" بالنصب عطفا على "ما". فظاهر هذا أن الكسائي بقى "شفاء" على رفعه، ونصب "رحمة" فقط عطفا على "ما" الموصولة كأنه قيل: وننزل من القرآن رحمة، وليس في نقله ما يؤذن بأنه تلاها قرآنا. وتقدم الخلاف [في] "وننزل" [ ص: 404 ] تخفيفا وتشديدا. والعامة على نون العظمة. ومجاهد "وينزل" بياء الغيبة، أي: الله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية