الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (5) قوله: خفت الموالي : العامة على "خفت" بكسر الحاء وسكون الفاء، وهو ماض مسند لتاء المتكلم. و "الموالي" مفعول به بمعنى: أن مواليه كانوا شرار بني إسرائيل، فخافهم على الدين. قاله الزمخشري . [ ص: 566 ] قال أبو البقاء: "لا بد من حذف مضاف، أي: عدم الموالي أو جور الموالي".

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الزهري كذلك، إلا أنه سكن ياء "الموالي" وقد تقدم أنه قد تقدر الفتحة في الياء والواو، وعليه قراءة زيد بن علي: "تطعمون أهاليكم" . وتقدم إيضاح هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وابن عباس وسعيد بن جبير وسعيد بن العاص ويحيى بن يعمر وعلي بن الحسين في آخرين: "خفت" بفتح الخاء والفاء مشددة وتاء تأنيث، كسرت لالتقاء الساكنين. و "الموالي" فاعل به، بمعنى درجوا وانقرضوا بالموت.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: من ورائي هذا متعلق في قراءة الجمهور بما تضمنه الموالي من معنى الفعل، أي: الذين يلون الأمر بعدي. ولا يتعلق ب "خفت" لفساد المعنى، وهذا على أن يراد ب "ورائي" معنى خلفي وبعدي. وأما في قراءة "خفت" بالتشديد فيتعلق الظرف بنفس الفعل، ويكون "ورائي" بمعنى قدامي. والمراد: أنهم خفوا قدامه ودرجوا، ولم يبق منهم من به تقو واعتضاد. ذكر هذين المعنيين الزمخشري .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 567 ] والموالي: بنو العم يدل على ذلك تفسير الشاعر لهم بذلك في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3211 - مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا

                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      3212 - ومولى قد دفعت الضيم عنه     وقد أمسى بمنزلة المضيم

                                                                                                                                                                                                                                      والجمهور على "ورائي" بالمد. وقرأ ابن كثير في رواية عنه: "وراي" بالقصر، ولا يبعد ذلك عنه فإنه قصر "شركاي" في النحل كما تقدم، وسيأتي أنه قرأ: أن رآه استغنى في العلق، كأنه كان يؤثر القصر على المد لخفته، ولكنه عند البصريين لا يجوز سعة.

                                                                                                                                                                                                                                      و من لدنك يجوز أن يتعلق ب "هب". ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من "وليا" لأنه في الأصل صفة للنكرة فقدم عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية