الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (9) قوله: كذلك : في محل هذه الكاف وجهان، أحدهما: أنه رفع على خبر ابتداء مضمر، أي: الأمر كذلك، ويكون الوقف على: "كذلك" ثم يبتدأ بجملة أخرى. والثاني: أنها منصوبة المحل، فقدره أبو البقاء ب أفعل مثل ما طلبت، وهو كناية عن مطلوبه، فجعل ناصبه مقدرا، وظاهره أنه مفعول به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : "أو نصب ب "قال" و "ذلك" إشارة إلى مبهم [ ص: 572 ] يفسره: هو علي هين ، ونحوه: وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين . وقرأ الحسن: (وهو علي هين) ولا يخرج هذا إلا على الوجه الأول، أي: الأمر كما قلت، وهو على ذلك يهون علي. ووجه آخر: وهو أن يشار ب "ذلك" إلى ما تقدم من وعد الله، لا إلى قول زكريا. و "قال" محذوف في كلتا القراءتين. - في كلتا القراءتين: يعني قراءة العامة وقراءة الحسن - أي: قال: هو علي هين، قال: وهو علي هين، وإن شئت لم تنوه، لأن الله هو المخاطب، والمعنى أنه قال ذلك، ووعده وقوله الحق".

                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذا الكلام قلق; وحاصله يرجع إلى أن "قال" الثانية هي الناصبة للكاف. وقوله: "وقال محذوف"، يعني تفريغا على أن الكلام قد تم عند "قال ربك" ويبتدأ بقوله: هو علي هين . وقوله: "وإن شئت لم تنوه"، أي: لم تنو القول المقدر، لأن الله هو المتكلم بذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وظاهر كلام بعضهم: أن "قال" الأولى مسندة إلى ضمير الملك، وقد صرح بذلك ابن جرير، وتبعه ابن عطية. قال الطبري: ومعنى قوله: "قال كذلك"، أي: الأمران اللذان ذكرت من المرأة العاقر والكبر هو كذلك، ولكن قال ربك، والمعنى عندي: قال الملك: كذلك، أي: على هذه الحال، قال ربك: هو علي هين. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الحسن البصري: "علي" بكسر ياء المتكلم كقوله:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 573 ]

                                                                                                                                                                                                                                      3213 - علي لعمرو نعمة بعد نعمة لوالده ليست بذات عقارب

                                                                                                                                                                                                                                      أنشدوه بالكسر. وقد أمنعت الكلام في هذه المسألة في قراءة حمزة: "بمصرخي".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وقد خلقتك هذه جملة مستأنفة. وقرأ الأخوان: "خلقناك" أسنده إلى الواحد المعظم نفسه. والباقون "خلقتك" بتاء المتكلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولم يك شيئا جملة حالية، ومعنى نفي كونه شيئا، أي: شيئا يعتد به كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3214 - ... ... ... ...     إذا رأى غير شيء ظنه رجلا

                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا: عجبت من لا شيء. ويجوز أن يكون قال ذلك; لأن المعدوم ليس بشيء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية