الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (94) قوله: يأجوج ومأجوج : قرأ عاصم بالهمزة الساكنة، والباقون بألف صريحة. واختلف في ذلك فقيل: هما أعجميان. لا اشتقاق لهما ومنعا من الصرف للعلمية والعجمة. ويحتمل أن تكون الهمزة أصلا والألف بدل عنها، أو بالعكس; لأن العرب تتلاعب بالأسماء الأعجمية. وقيل: بل هما عربيان واختلفوا في اشتقاقهما: فقيل: اشتقاقهما من أجيج النار وهو التهابها وشدة توقدها. وقيل: من الأجة. وهو الاختلاط أو شدة الحر. وقيل: من الأج، وهو سرعة العدو. ومنه قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3197 - ... ... ... ... تؤج كما أج الظليم المنفر

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 546 ] وقيل: من الأجاج، وهو الماء الملح الزعاق. ووزنهما يفعول ومفعول. وهذا ظاهر على قراءة عاصم. وأما قراءة الباقين فيحتمل أن تكون الألف بدلا من الهمزة الساكنة، إلا أن فيه أن من هؤلاء من ليس أصله قلب الهمزة الساكنة وهم الأكثر. ولا ضير في ذلك. ويحتمل أن تكون ألفهما زائدتين، ووزنهما فاعول من يج ومج.

                                                                                                                                                                                                                                      ويحتمل أن يكون ماجوج من ماج يموج، أي: اضطرب ومنه الموج فوزنه مفعول والأصل: موجوج. قاله أبو حاتم. وفيه نظر من حيث ادعاء قلب حرف العلة وهو ساكن. وشذوذه كشذوذ "طائي" في النسب إلى طيء. وعلى القول بكونهما عربيين مشتقين فمنع صرفهما للعلمية والتأنيث بمعنى القبيلة، كما تقدم لك تحقيقه في سورة هود. ومثل هذا الخلاف والتعليل جار في سورة الأنبياء عليهم السلام. والهمزة في يأجوج ومأجوج لغة بني أسد. وقرأ رؤبة وأبوه العجاج "آجوج".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "خراجا" قرأ ابن عامر "خرجا" هنا وفي المؤمنين بسكون الراء، والأخوان: "خراجا" "فخراج" في السورتين بالألف، والباقون كقراءة ابن عامر في هذه السورة، والأول في المؤمنين وفي الثاني وهو [ ص: 547 ] "فخراج" كقراءة الأخوين. فقيل: هما بمعنى واحد كالنول والنوال. وقيل: الخراج بالألف ما صرف على الأرض من الإتاوة كل عام، وبغير ألف بمعنى الجعل، أي: نعطيك من أموالنا مرة واحدة ما تستعين به على ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      قال مكي رحمه الله: "والاختيار ترك الألف; لأنهم إنما عرضوا عليه أن يعطوه عطية واحدة على بنائه، لا أن يضرب ذلك عليهم كل عام. وقيل: الخرج ما كان على الرؤوس، والخراج ما كان على الأرض، يقال: أد خرج رأسك، وخراج أرضك. قاله ابن الأعرابي. وقيل: الخرج أخص، والخراج أعم. قاله ثعلب. وقيل: الخرج مصدر، والخراج اسم لما يعطى، ثم قد يطلق على المفعول المصدر كالخلق بمعنى المخلوق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية