والضمير في "أهلكناهم" عائد على "أهل" المضاف إلى القرى، إذ التقدير: وأهل تلك القرى، فراعى المحذوف فأعاد عليه الضمير. وتقدم ذلك في أول الأعراف.
و لما ظلموا يجوز أن يكون حرفا، وأن يكون ظرفا وقد عرف ما فيها.
قوله: "لمهلكهم" قرأ "مهلك" بفتح الميم، والباقون بضمها، عاصم: وحفص بكسر اللام. والباقون بفتحها. فتحصل من ذلك ثلاث [ ص: 515 ] قراءات، لعاصم قراءتان: فتح الميم مع فتح اللام، وهي رواية أبي بكر عنه. والثانية فتح الميم مع كسر اللام وهي رواية حفص عنه. والثالثة: ضم الميم وفتح اللام، وهي قراءة الباقين.
فأما قراءة أبي بكر ف "مهلك" فيها مصدر مضاف لفاعله. وجوز أن يكون مضافا لمفعوله. وقال: إن "هلك" يتعدى دون همز وأنشد: أبو علي
3174 - ومهمه هالك من تعرجا
ف "من" معمول ل "هالك" وقد منع الناس ذلك وقالوا: لا دليل في البيت لجواز أن يكون من باب الصفة المشبهة. والأصل: هالك من تعرجا. ف "من تعرج" فاعل بهالك، ثم أضمر في "هالك" ضمير "مهمه" ونصب "من تعرج" نصب "الوجه" في قولك: "مررت برجل حسن الوجه"، ثم أضاف الصفة وهي "هالك" إلى معمولها، فالإضافة من نصب، والنصب من رفع. فهو كقولك: "زيد منطلق اللسان ومنبسط الكف"، ولولا تقدير النصب لامتنعت الإضافة; إذ اسم الفاعل لا يضاف إلى مرفوعه. وقد يقال: لا حاجة إلى تقدير النصب، إذ هذا جار مجرى الصفة المشبهة، والصفة المشبهة تضاف إلى مرفوعها، إلا أن هذا مبني على خلاف آخر وهو: [ ص: 516 ] هل يقع الموصول في باب الصفة أم لا؟ والصحيح جوازه. قال الشاعر: 3175 - فعجتها قبل الأخيار منزلة والطيبي كل ما التاثت به الأزر
3176 - أسيلات أبدان دقاق خصورها وثيرات ما التفت عليها الملاحف
وجوز في قراءته أن يكون المفعل فيها مصدرا. قال: [ ص: 517 ] "وشذ فيه الكسر كالمرجع". وإذا قلنا إنه مصدر فهل هو مضاف لفاعله أو مفعوله؟ يجيء ما تقدم في قراءة رفيقه. وتخريج أبو البقاء واستشهاده بالبيت والرد عليه، كل ذلك عائد هنا. أبي علي
وأما قراءة الباقين فواضحة. و "مهلك" فيها يجوز أن يكون مصدرا مضافا لمفعوله، وأن يكون زمانا، ويبعد أن يراد به المفعول، أي: وجعلنا للشخص أو الفريق المهلك منهم.
والموعد: مصدر أو زمان.