الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  قضية المصطلحات ليس في المغرب وحده وإنما في كل البلاد الإسلامية، كان الإسلام هـو المحرك للشعوب ضد المستعمرين، وهو الذي قادها للانتصار عليهم. غير أنا وبكل أسف - ومن خلال قراءاتنا لحركات الجهاد، ومواجهة المستعمرين في معظم بلاد العالم الإسلامي - نرى تباينا بين المقدمات والنهايات.

                  فعلى الرغم من أن كثيرا من حركات التحرير تبدأ إسلامية، إلا أن نصيب الإسلام - كمعتقد ومرتكز حضاري - في مرحلة ما بعد الاستقلال، لا يلبث أن يأخذ في التضاؤل والانحسار.

                  ما هـي أسباب ذلك من وجهة نظركم كمفكر وباحث ومتابع للقضية الاجتماعية؟

                  قبل الاستقلال، كان المحرك للمقاومة كلمة " جهاد " ، ولم تكن كلمة " ثورة " ، بينما أصبح في مرحلة ما بعد الاستقلال " ثورة " ، كلمة جهاد، تقوم - دائما وأبدا - على يد الذين يعلمون، فكانوا كلهم من أمثال الشيخ عبد القادر الجزائري ، من العباد الزاهدين في هـذه الدنيا، وكانوا يتمتعون بنظرة شمولية للكون وللوجود، نظرة قائمة على الحق، على الخضوع لله سبحانه وتعالى.

                  أما المقاومة التي تقوم على كلمة ثورة، وهي ما حدث في مرحلة ما بعد الاستقلال ضد الصور الجديدة للاستعمار، فإنها تقوم - في معظمها - على أساس إسناد الأمر إلى غير أهله، إلى الذين لا يعلمون ولا يدرون أنهم لا يعلمون.

                  وإذا كان المجاهد ينشد إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، فصاحب " الثورة " غالبا ما ينشد المعالي، ويتشوق إلى التمتع بغرور السلطة، دون أن يمتلك - وقد لا يستطيع أن يمتلك - مؤهلاتها، وهذا ما نراه عندما نريد التحليل الدقيق للأشياء. [ ص: 143 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية