الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  ضوابط الاجتهاد المعاصر ثارت مناقشات كثيرة حول قضية الاجتهاد في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى ظهور بعض الاجتهادات المنحرفة في هـذا السبيل، وما دام الأمر كذلك فلا بد من وضع ضوابط تجب مراعاتها في الاجتهاد الشرعي المعاصر حتى يمكن للمسلمين التعرف على هـذه الاتجاهات ونبذها.

                  · الضوابط التي ينبغي مراعاتها في الاجتهاد المعاصر أستطيع أن أجملها في هـذه النقاط:

                  · البعد عن منطقة " القطعيات " فمجال الاجتهاد ما كان دليله ظنيا من الأحكام، ولا يجوز لنا أن ننساق وراء المتلاعبين الذين يريدون أن يحولوا القطعي إلى ظني، والمحكم إلى متشابه، وبذلك لا يبقى لنا معول نعتمد عليه، ولا أصل نحتكم إليه.

                  · وكما لم نجز تحويل القطعي إلى ظني، يجب ألا نحول الظني إلى قطعي، ونزعم الإجماع فيما يثبت فيه الخلاف، فلا يصح أن نشهر سيف الإجماع في وجه كل مجتهد، كما فعل معاصرو ابن تيمية في اختياراته واجتهاداته، مع أن الإمام أحمد قال: " من ادعى الإجماع فقد كذب، ما يدريه؛ لعل الناس اختلفوا وهو لا يدري " .

                  · أخشى ما أخشاه هـو الهزيمة النفسية أمام الحضارة الوافدة، والاستسلام للواقع القائم في مجتمعاتنا المعاصرة، وهو واقع لم يصنعه الإسلام، ولم يصنعه المسلمون، بل صنعه لهم [ ص: 161 ] الاستعمار المتسلط، وفرضه عليهم بالقوة والمكر، وقام هـذا الباطل الدخيل في غفلة من أهل الحق الأصيل الذي لدى المسلمين.

                  لهذا يجب رفع ذلك النوع من الاجتهاد - إن صح أن يسمى اجتهادا - وهو اجتهاد (التبرير للواقع) خاصة إذا كان فيه إرضاء للسلطة الحاكمة، واجتهاد (التقليد للآخرين) كاجتهاد الذين يحاولون منع الطلاق، وتعدد الزوجات، ومحاربة الملكية الفردية، وتسويغ الفوائد الربوية، وغيرها.

                  · يجب أن يتحرر المجتهد من الخوف بكل ألوانه، الخوف من سلطان المتسلطين من الحكام، الذين يريدون فتاوى جاهزة دائما تبرر تصرفاتهم، وتضفي الشرعية على أعمالهم، والخوف من سلطان الجامدين المقلدين من العلماء، الذين يشنون الغارة على كل اجتهاد جديد، وهم الذين كانوا وراء سجن ابن تيمية ومحنه المتتابعة، فقد كانت محنته -رحمه الله- منهم لا من السلاطين، وأن يتحرر من الخوف من سلطان الجماهير والعوام الذين يستطيع هـؤلاء المقلدون أن يثيروهم على كل رأي مخالف لما ألفوه.

                  · يجب أن نفسح صدورنا للاجتهاد وإن خالف ما نشأنا عليه من آراء، وأن نتوقع الخطأ من المجتهد، ولا نضيق به ذرعا، لأنه بشر غير معصوم، وقد يكون ما حسبناه خطأ هـو الصواب بعينه، ورب رأي رفضه جمهور الناس يوما، ثم أصبح بعد ذلك هـو الرأي المقبول والمرتضى، وليس في الإسلام سلطة (بابوية) تقول: هـذا الرأي صواب فيغدو صوابا، ويستحق البقاء، وذاك خطأ فيحذف من الوجود ويحكم عليه بالإعدام.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية