الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  التدرج في التطبيق وكان يمكن لو أن حركة الإسلام، بدلا من أن تنتظر الفتح الأكبر الذي يقوم فيه المجتمع كله بالإسلام، أن تحاول في جوانب الحياة المختلفة أن تقيم نماذج جزئية في جانب من الاقتصاد، وفي جانب من السياسة، وفي جانب من الفكرة، وفي جانب من المجتمع. ونحمد الله سبحانه وتعالى، في السودان، أن تهيأ لنا شيء من ذلك الكسب، وأن حركة الإسلام بالرغم من أنها تعتصم بالأنموذج الكلي، وتصر على أن الدين توحيد، إلا أنها تعلم أنه لبلوغ الكل لا بد من البدء بالجزء، فهي لا تؤمن ببعض وتكفر ببعض؛ بل تؤمن بالإسلام كله، ولكنها تحاول أن تطبق منه ما تيسر، ولا تقدر [ ص: 24 ] أنه لا بد من انتظار مرحلة الدولة حتى يتمكن الدين بكل جوانبه، ولكن يمكن دون ذلك مع مجتمع لا تزال فيه - بحمد الله - بقية من إيمان، أن تطبق؛ فنشأت مؤسسات اقتصادية للإسلام، ومؤسسات اجتماعية، ومؤسسات ثقافية، جرب فيها تطبيق الإسلام عمليا.

                  وتوجهت الحركة إلى ذات نفسها، وحاولت أن تعبر في أشكالها عن أحكام الإسلام الفرعية؛ فعندما أصبح الإسلام هـو شرعة المجتمع كله، ودخلت كل هـموم المجتمع في هـموم الدولة، كانت هـذه المبادرات الأولى خير ما يعين حركة الإسلام وفكر الإسلام على أن يستوعب حركة المجتمع بأسره؛ بتوسيع النماذج وتطبيقها، كما تأخذ الأنموذج التطبيقي والتجربة من المختبر إلى السوق وإلى الإنتاج الواسع.

                  كانت تلك البدايات هـي في واقع الأمر مفاتيح حل مغلقات المشاكل الاجتماعية، وهذا هـو أخطر ما يطرأ على الحركة؛ إنها من الهم بذات أمرها (أو إذا تطورت من الهم بعلاقتها المباشرة مع المجتمع: كيف تؤثر على المجتمع وكيف يرتد المجتمع عليها) ، فجأة تجد نفسها وقد اضطرت إلى أن تحمل أمانة كل الأمة، وأن تستوعب كل هـمومها جملة واحدة.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية