الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  السلطان ... والقرآن وكذلك الصلة بينهم وبين الحاكمين، ومعروف أن حركة الإسلام - لأسباب تاريخية - انفعلت بشيء من الجفاء للحكام، ذلك أن حكام المسلمين كانوا دون سائر القيادات الفقهية والشعبية نصيبا من التزام الإسلام فيما يليهم من الحكم؛ ولذلك انفعل المسلمون عامة بشيء من الجفاء لهم، ووضح من التقويم الفقهي أنهم لا يؤسسون حكمهم على أصل شرعي مقبول، وإنما تجاوز الفقهاء ضرورة عنهم؛ ولذلك كان الحكم دائما مشبوها حتى فقهيا.. وحتى الحركة الصوفية التي انتظمت العالم الإسلامي، كانت نوعا من اليأس من أن يربي الحكام الشعب، وأن يأمروا بمعروف وينهوا عن منكر، أو أن يحققوا وحدة المسلمين، فحاولت بالطرق المنبثة في قاعدة الشعب، أن توحد المسلمين حول مركز ولاء آخر، وأن تواليهم بالتربية من تلقاء القطاع الخاص، كما نقول الآن.

                  وزاد ذلك أن الحركة الإسلامية في عهدها الحديث. بدأت غريبة بدعوتها لأول مرة، وفزع منها كثير من الحكام فصادموها بعنف شديد وعذبوها واضطهدوها، ولذلك انفعلت هـي، لا فقط بهذا التاريخ، ولكن برد فعل من هـذا الواقع القائم في كل بلد - تقريبا - من بلاد الإسلام. ولما كانت الحركة الإسلامية تنشأ دائما في قطاعات المثقفين، فإن الثقافة الغربية التي انفعل بها هـؤلاء المثقفون، هـي ثقافة فيها كثير من الرفض. وقد شاع فيها في العهود الأخيرة الثورية والرفض ومنهج التحول العنيف، وشاع عند كثير من المثقفين رفض الواقع - حتى بغير بديل - والثورة عليه حتى بغير تصور لقبلة معينة.

                  كل هـذه العوامل التاريخية والذاتية والمجلوبة من الخارج، أثرت على كثير من الدعاة المسلمين؛ بل دعتهم أحيانا، عمدا إلى أن يعزلوا أنفسهم؛ فعندما لا يتمكنون من [ ص: 46 ] مصادمة الدولة بالقوة كانوا يعتزلون جانبا.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية