الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  المنهج الإعلامي المناسب في هـذا الإطار هـل يمكننا أن نتعرف على ملامح المنهج الإعلامي الذي ترونه مناسبا في هـذه المرحلة من العمل الإسلامي؟

                  أعتقد أنه من المناسب في هـذا أن نضع في ذهننا وفي تقديرنا أننا نخاطب المسلمين في العالم جميعا، وأننا نخاطب المسلمين وغير المسلمين في الوقت نفسه، فنحن نريد فقط ألا نتحدث عن أنفسنا، ولكن لنثبت دائما للعالم أننا نحس بكوننا جزءا من مليارات البشر الذين يعيشون في هـذا العالم، وأن من حق الإسلام علينا، ومن حق اشتراكنا في هـذا الكوكب أن نتبادل وجهات النظر، وأن نقدم إليه خير ما لدينا وهو ديننا، ولا نقدم ذلك بأن نفرضه عليه، أو نجبره على اعتناقه، وإنما نقدم إليه وجهة نظرنا في المشكلات المتباينة من منظور إسلامي، ووفق هـداية ديننا، نحن دائما - ما دمنا نتحدث إلى أنفسنا - فإن ذلك يكون على مستوى العالم لا على المستوى المحلي، كما أريد أن أتحدث إلى الذين يشاركوننا في هـذا العالم أو في هـذا الكوكب، وأن نقدم إليهم وجهات نظرنا، وأن نقدم إليهم الإسلام من منظور حياتي، لكي يتبينوا جليا أن كل ما عندنا نعلنه، وليس عندنا ما نخفيه، وأن ما عندنا فيه الخير للعالم أجمع، أو على الأقل فيه الخير للمسلمين، ولن يضار غير المسلمين في شيء، ولن يؤذيهم في أمر، بل قد يحقق لهم كثيرا من المنافع، حتى وهم على دينهم.

                  فالبر والقسط هـو قاعدة الإسلام بالنسبة للبشر كافة ما داموا لم يعتدوا ولم يقاتلوا في الدين، ولم يخرجوا المؤمنين من ديارهم، فكأن الإسلام إنما يقف ضد العدوان، لا ضد اختلاف العقائد والمبادئ والأفكار إن اتخذت سبيل التعايش والتحاور والمناقشة دون افتئات أو ظلم أو قهر.

                  يجب أن نقدم إعلامنا في صورة عالمية، في صورة إنسانية تخاطب الناس جميعا، وتقنعهم أو تحاول أن تقنعهم بوجهة نظرنا في المشكلات المختلفة، كما أنه يجب علينا أن [ ص: 114 ] نخرج من العموميات إلى الخصوصيات، وأن يكون لنا تناول للقضايا المتعددة، حتى ولو كانت لا تمسنا مسا مباشرا، ما دامت هـي من هـموم هـذا العالم، فقضية المجاعات الموجودة في أفريقيا التي تمس كثيرا من الشعوب الإسلامية، وكثيرا من المسلمين في السودان ، وأريتريا ، وتشاد ، وموريتانيا ، إنما هـي هـم من هـموم العالم علينا أن نتناوله، ما الذي أدت إليه ؟ ما هـي الأسباب؟ هـل هـي أسباب تتعلق بإنتاج الغذاء؟ هـل هـي أسباب بيئية؟.

                  لا بد أن يكون لنا منظورنا في هـذه القضية وغيرها من القضايا، وأن نخاطب الاهتمام العالمي في قضية كهذه، وفي قضية التسلح الذري، في قضية التلوث والأخطار التي تهدد البيئة، المسلم يخاطبه دينه بالاقتصاد في الماء ولو كان على نهر جار، وبالنظافة في الثوب والبدن والمكان، ولو راعي الناس جميعا هـذا كله، لما تلوثت بيئاتنا، ولما استنزفت مصادر طاقاتنا، فلا بد من معالجة الهموم العالمية كلها، من منظور إسلامي، ولا نقول فقط ما دامت الأسلحة الذرية لم تدركنا، فليس لنا بها شأن، الأسلحة الذرية تقترب منا وتأخذ بخناقنا، وستكون على أطرافنا، وإسرائيل في وسطنا تنمي طاقاتها الذرية، فلم يعد الخطر الذري يدرك دولة دون دولة، ولا يمكن أن تكون بمنجاة منه أرض من الأراضي دون أخرى.

                  بهذا يكون خطابنا موجها إلى العالم، وتكون القضايا التي نتناولها موجهة إلى العالم كله، ولا أريد أن ننشغل في قضايانا الخاصة، وفي ظروفنا المحلية حتى نصبح غير مقروئين أو غير مستساغين أو غير مفهومين من المسلمين في أنحاء أخرى من العالم، أو من سكان هـذا الكوكب الذين يريدون أن يقرءوا كلاما من المسلمين يدل على أنهم يعيشون عصرهم، ويحيون زمانهم، ويشاركون في أعباء الحياة ومسئولياتها وهمومها فوق هـذا الكوكب الذي نتقاسمه.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية