الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  أعباء الاستخلاف من القضايا الرئيسة المطروحة في العالم الإسلامي اليوم: قضية إعادة صياغة العلوم من خلال التصور الإسلامي باللغة العربية كخطوة أولى لا بد منها على طريق التقدم. طبعا هـناك من ينتصر لهذه القضية انتصارا لمقومات الأمة في القضاء على مركب النقص الذي تورثه عقدة تفوق الأجنبي ولغته. وبعضهم يرى أن مراجع العلوم كلها أجنبية؛ في فترة يعيش العالم الإسلامي فيها مرحلة تخلف، عاجزا عن العطاء، فتعلم العلوم باللغة العربية، أو نقلها للغة العربية يشكل مرحلة قاسية وعقيمة تحرم الطالب من كثير من المصادر التي يمكن أن تكون موردا لزيادة المعرفة بالنسبة له. فما رأيكم في هـذه القضية بشقيها:

                  - إعادة صياغة العلوم.

                  - لغة العلوم؟

                  ** قبل أن أجيب على هـذا السؤال أود طرح مقدمة هـامة أرى أنها في صميم القضية: أذكر أنني دعيت لحضور مؤتمر التضامن الإسلامي في مجال العلوم والتقنية (الرياض: 1975م) ، وطلب مني أن أكتب عن الثروات المعدنية في العالم الإسلامي، وبعد أن بدأت الكتابة في الموضوع فعلا، وجدت أنه - على أهميته - [ ص: 71 ] سبق أن طرق من قبل. ويكفي المرء أن يلجأ إلى أي كتاب من كتب الجيولوجيا الاقتصادية، أو بعض الأطالس ليدرك أن الموضوع لا يحتاج لشيء من الجهد،وبعد تفكير فتح الله تعالى علي بموضوع وضعت له هذا العنوان:

                  (ضرورة إعادة كتابة العلوم من وجهة نظر إسلامية ) وقدمته للمؤتمر. وكان له أثر طيب في النفوس لدرجة أن أكثر من هيئة اهتمت بنشره، لأنه أثار فعلا قضية ذات وزن، وتشغل بال المسلمين.

                  وأذكر أن محور البحث هذا دار في خط واضح للغاية، هو أن المسلمين حينما تربوا على الإسلام أدركوا أن قضية الاهتمام بالناحية العلمية هي قضية تعبدية بالدرجة الأولى، وليست مجرد الحصول على شيء من القوة أو الغلبة والتسلط في هذه الدنيا، فحين يتعرف المسلم على بديع صنع الله تبارك وتعالى في هذا الكون، فهو يتعرف على خالقه. وقد أحصيت عدد الآيات القرآنية التي تحض الإنسان على النظر في الكون فوجدتها تفوق (750) آية، إلى جانب أن القضية لا بد منها للقيام بأعباء الاستخلاف الإنساني وتسخير الكون كما أراد الله سبحانه وتعالى.

                  كأن الإنسان يلمح أن الجيل الأول القدوة من المسلمين لم يكن يرى التفريق - بهذا الشكل - بين العلم التجريبي وبين العلوم الشرعية من الفقه والتفسير ونحوهما، ذلك أن الإنسان بدأ يشعر بأن النظرة النصفية هذه معطلة للعالم الإسلامي، ولقد كنا نرى الإنسان فلكيا ومفسرا، وطبيبا وفقيها. لم تكن النظرة النصفية هذه موجودة، رغم أن التخصص كان أمرا قائما إلى حد ما؟

                  هذا صحيح، ولعل ما يشكو منه العلماء الآن قضية التفتيت في المعارف، فالتخصص الدقيق جعل الناس ينحصرون في دوائر ضيقة، فجاءت نظرتهم للحياة نظرة جزئية جدا، نظرة غير إنسانية لأنها غير متكاملة، إن النظرة المتكاملة هي التي يستطيع الإنسان من خلالها التعرف على قوانين الله تعالى في الكون، والقيام بواجبات الخلافة في الأرض على أحسن وجه، وكلما تعرف على قوانين أكثر كلما كانت قضية عمران الحياة على الأرض أيسر. [ ص: 72 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية