الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  الامتحان العسير ونحمد الله أن الإطار السياسي الذين طرح فيه هـذا المشروع الإسلامي والأدب الذي تأدبت به الحركة الإسلامية يمهد مناخا صالحا لأن يكون الشعب كله منفعلا، حكومة ورعية ورعاة؛ حتى الذين كان لهم تاريخ طائفي، انحصروا في هـذه الرسالة التي استوعبتهم الآن، وكسرت حاجز العصبية، وكان يمكن أن ينفضوا عنها لأنها لم تأت من تلقاء ما عهدوا من قياداتهم و مراكزهم.

                  والحركة الإسلامية لما انفعلت بهذه السماحة وهذه السعة، أعدت كذلك غيرها من الجماعات. ولو أنها زهت بأمرها وأرادت أن تسلب الفضل، لنفرت كثيرا من المسلمين، ولوقع التحاسد والتباغض بين الناس ولسقط بينهم الحق.

                  ولانتقلت - أيضا - من وسيلة إلى غاية، ولكانت سببا في الإساءة للحقيقة الإسلامية.

                  نعم.. ونحن بالطبع لا نضمن، مهما اعتصمت الحركة الإسلامية بدواعي تجديد ذاتها، ولكن لا نريد أن نكل أمر الدين لأية جماعة كانت، وإنما الجماعة المجاهدة الداعية هـي مثل الفرد المجاهد الداعي ينبغي أن يفني ذاته وأن يستشهد في [ ص: 43 ] سبيل الله سبحانه وتعالى. فحركة الإسلام التي كانت مؤهلة بشيء من زاد الفقه، والزاد الإيماني تفنى اليوم في المجتمع. وكلما تحقق للمجتمع وجود وحضور للإسلام كلما ذابت هـي فيه لأنها ليست غاية لذاتها، وهذا امتحان عسير في مراحل الانتقال لكل حركة. وكثير من الأحزاب التي ادعت أنها طلائع لتحول اجتماعي لما وقع تحول اجتماعي، أصرت على أن تظل هـي متمكنة في السلطان. وتحتكر السلطة، وأضر ذلك بقضيتها ذاتها؛ لأنها بدلا من أن يحاصرها الأعداء الذين يريدون أن يكيدوا لها، رضيت هـي بأن تحاصر نفسها، وبدلا من أن يعزلها غيرها، اعتزلت هـي وتجردت، وأصبحت جسما منفصلا عن المجتمع.

                  وهذا يقتضي شيئا من الصبر ومن التربية. فكلما اتسع الإسلام، ضعفت هـي.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية