الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  تحريف اليهود والنصارى في الندوة التي عقدتها منظمة " اليونسكو " في باريس - واشتركتم فيها - تحت عنوان: " هل يستطيع الإسلام الهيمنة على مستقبل الغرب " طرحتم فكرة إمكانية قراءة التاريخ من وجهه نظر وحدوية؛ على أساس أن إبراهيم والمسيح عليهما السلام ومحمدا صلى الله عليه وسلم يكمل بعضهم بعضا، فماذا تعني بهذه الفكرة؟

                  هـذا التكامل في نظري عبارة عن حلقات تاريخية، فكل نبي أرسل في مرحلة تاريخية قد مهد لمن جاء بعده، وانتهت أصول هـذه الديانات السماوية إلى الرسالة الكاملة الخاتمة كما جاء بها ( محمد صلى الله عليه وسلم ) باعتبار أن الإسلام قد اكتمل بنزول القرآن الكريم، والقرآن قد أورد هـذا، [ ص: 62 ] وسمى الأنبياء السابقين كلهم مسلمين، وبالنسبة للإسلام فهو الدين الوحيد الذي يعترف بالأديان السابقة. ويعتبر إبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام أنبياء مسلمين. ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم - كما جاء في القرآن- لم يقل في الأحاديث الشريفة إنه جاء بعقيدة جديدة، ولكنه أوضح أنه جاء ليذكر بملة أبينا إبراهيم . كما بين أن تعاليم هـؤلاء الأنبياء المسلمين من قبله قد حرفت، وأن التحريف بدأ من أيام اليهودية ، وقد تضمن كتابي الأخير " ملف إسرائيل " معلومات تاريخية موثوقة تفيد بأن التحريف بدأ بعد العودة من بابل، أما بالنسبة للنصرانية فإن التحريف بدأ بإعلان " نيقية " الذي حرروه سنة 325 للميلاد، وتضمن فكرة أن المسيح ابن الله - سبحانه وتعالى - وبالنسبة للكاثوليك أو الأورثوذكس أو البروتستانت، فكلهم يؤمنون بإعلان " نيقية " وفكرة أن المسيح ابن الله، التي لم ترد في الإنجيل، ولكن وضعت وضعا، ولذلك فأنا أؤمن بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء بالملة الأولى - ملة إبراهيم - وهي أكثر صور العقيدة تكاملا، فاليهود يكفرون بالمسيح عليه السلام ويكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم والنصارى بدورهم يكفرون به، ومحمد صلى الله عليه وسلم يؤمن بإبراهيم وموسى وعيسى عليه السلام .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية