الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  الولاء الجديد ثم إننا نريد أن نولد من هـذه التشريعات، إيمانا بواقع الأمر، وهذا هـو الجانب الذي لا يدركه كثير من الناس؛ إذ يحسب الناس أننا قننا القوانين لتنضبط بها مؤسسات الدولة ومحاكمها وشرطتها وموظفوها، ولكن الذي وقع في نفوس الناس أكبر بكثير من أثرها المباشر في تطبيق حدود الشرع أو أحكام المعاملات: زاد إيمان الناس زيادة واسعة، بل إنها أصبحت الآن هـي مركز ولاء جديد للمجتمع، فقد ظل المجتمع السوداني لعهود طويلة مقسما إلى طوائف وأشكال ورثها من تاريخه، ولكنه الآن يموج بحركة ستبدل علاقاته الاجتماعية وخارطة الولاء السياسي فيه، وتتجمع منه أقدار هـائلة نحو مركز ولاء جديد، وذلك يعني أن الصف الواعي بالإسلام، بتحديات الإسلام المعاصرة، سيصبح بإذن الله صفا كثيفا مرصوصا.

                  وحتى مراكز القوة في هـذا المجتمع، التي رباها الاستعمار من قبل وكيفها لتكون هـي حيثيات للنظام العلماني الذي فشل في البيئة الإسلامية، وخشي أن تحاصره هـذه البيئة، وأن تمتصه، كالقوات المسلحة والقضاء والخدمة المدنية والجامعات، هـذه المؤسسات زرعها الاستعمار وقواها ومتن بناءها، وجعلها أمينة على حراسة تراثه، وظلت عهدا ما، كلما تطلع الشعب وهاج بتطلعات نحو الإسلام، قمعته، إن لم يكن بقوتها المادية فبقوة قهرها الأدبية.

                  هذه المواقع، بإذن الله، من أولى المواقع التي صوبنا إليها الانتقال نحو الإسلام، فالجيش يتحول بتوجهاته القديمة وتصوره القديم لوظيفته إلى توجهات جديدة، وإلى تصور ديني لدوره في الحياة، ويتسع فيه الالتزام الإسلامي، وتتلاشى تقاليد الوجود القديم، وكذلك مراكز الثقافة الإسلامية التي لا تزال تحمل بعض أشكال وأسماء ترمز [ ص: 31 ] للتوجه القديم، إلا أن مضمونها قد دخله الإسلام ووقع فيها انقلاب.

                  فالجامعات انقلبت من قواعدها، وسيخر السقف من بعد ذلك إن شاء الله، وكذلك القضاء الذي كان واحدا من أكبر مؤسسات العلمانية في البلاد، وهو لما خوطب بالقوانين الإسلامية تثاقل شيئا ما من أن يتحول عن مألوفه إلى هـذه القوانين الغريبة، تتخذ الآن تدابير للتحول به تحولا يهيئه لاستقبال هـذا الجديد وحمله بإذن الله، وإن يسر الله لنا فسحة من الوقت، ستقوم في السودان ، إن شاء الله، قوة شعبية ومؤسسية تمتن الإسلام.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية