الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  بين التجديد والتبديد في عالمنا الإسلامي ارتبط التجديد والمجددون باتجاهات مختلفة، ودعاوى باطلة من علمانية أو إلحاد خفي، لتجريد المسلمين من حقيقة دينهم، فهل هـذا هـو التجديد، وهؤلاء هـم المجددون؟

                  تسمية هـؤلاء بـ " المجددين " تسمية خطأ، هـؤلاء مبددون لا مجددون، لأنهم لا يمتون إلى التجديد الحقيقي بصلة، فتجديد شيء يعني العودة به إلى ما كان عليه عند بدايته وظهوره لأول مرة، وترميم ما أصابه من خلل على مر العصور، مع الإبقاء على طابعه الأصيل، وخصائصه المميزة، هـذا ما نصنعه في أي قصر أو بناء أثري عريق نريد تجديده، فلا نسمح بتغيير طبيعته، وتبديل جوهره، أو شكله، أو ملامحه، بل نحرص كل الحرص على الرجوع به إلى عهده الأول، أما إذا هـدمناه وأقمنا مكانه بناء شامخا على الطراز الحديث، فهذا ليس من التجديد في شيء.

                  والذين أشرت إليهم في سؤالك هـم من هـذا النوع الذي يريد هـدم (الجامع) القديم ليقيم على أنقاضه (كنيسة) حديثة، بكل مقوماتها وخصائصها، إلا أنه كتب عليها اسم (جامع) !

                  والذي سمى هـؤلاء " مجددين " إنما هـو الاستعمار وتلاميذه وعملاؤه من المستشرقين والمنصرين، وتسميتهم الحقيقية (عبيد الفكر الغربي) ، فهم لا يرقون ليكونوا تلاميذ الفكر الغربي، فإن التلميذ يناقش أستاذه، وقد يخالفه ويرد عليه، ولكن موقف هـؤلاء [ ص: 169 ] من الفكر الغربي هـو التبعية والعبودية، التي ترى أن كل ما يؤمن به الغرب هـو الحق، وكل ما يقوله فهو صدق، وكل ما يفعله فهو جميل! ويستوي في هـذا عبيد اليمين وعبيد اليسار، فمنبع الجميع واحد، وكلهم فرع من الشجرة الملعونة في القرآن والتوراة والإنجيل: شجرة المادية الخبيثة التي تفرغ الإنسان من الروح، والحياة من الإيمان، والمجتمع من هـداية الله. وقد كشف زيف أدعياء التجديد هـؤلاء أستاذنا الدكتور محمد البهي - رحمه الله - في كتابه القيم " الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي " .

                  المجدد الحقيقي هـو الذي يجدد الدين بالدين وللدين، أما من يريد تجديد الدين من خارجه، أي: بمفاهيم مستوردة وأفكار دخيلة، ويجدده لمصلحة الغرب أو الشرق فهو أبعد ما يكون عن التجديد الحق [1]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية