الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  النبوغ ومناخ الاستبداد من خلال دراسة أسباب عدم النبوغ العلمي في العالم الإسلامي يمكن أن نقول بأن عامل اللغة من العوامل الرئيسة، فهي قالب التفكير، ووسيلة التواصل التاريخي والحضاري بين الأجيال، إلى جانب ضرورة توفر مناخ الحرية - المفقودة في كثير من أنحاء العالم الإسلامي - التي يجب أن يتوافر للعلماء بصفة خاصة، وللناس بصفة عامة؛ ذلك أن قضية الحرية على جانب كبير من الأهمية، فلا يمكن لعالم غير مستقر نفسيا وغير مطمئن على نفسه وعلى عرضه وعلى ماله أن يبدع. هـذا مع العلم بأن عملية الإبداع لا تتم في سنة أو اثنتين بل في عشرات السنين، والإنسان القلق - لسبب أو لآخر - عاجز عن الإبداع والعطاء.

                  تحضرني هـنا مناقشة دارت بيني وبين الأستاذ الذي كنت أعمل معه في بريطانيا عندما استقبلني أول مرة، حيث سألني: ماذا يفعلون للناس في بلادكم؟.

                  ولم أفهم السؤال لأول وهلة، ولم أفهم ماذا يريد، فأضاف موضحا:

                  " لقد عمل معي عدد كبير من الشباب من بلادكم، وكنت أتوقع لهم مستقبلا باهرا، وبمجرد عودتهم لا يصلني منهم سوى رد على خطاب أرسله، ثم بطاقة تهنئة بمناسبة ما، ولا أدري بعد ذلك هـل هـم أحياء أم أموات!! "

                  الحقيقة أن العيب ليس في الناس وقدراتهم، بدليل نبوغ الكثير منهم في دراساتهم في الغرب، بل في البيئة والمناخ، كما نلاحظ أن الذين أضافوا للعلم في أوروبا وأمريكا ، نشأوا على القاعدة العلمية التي أقامها الرعيل الأول - وهي قاعدة مستمرة - ولذلك فهم يتقدمون بقوة الدفعة الذاتية الأولى، بقوة الاستمرارية

                  لقد كان الحافز الرئيس للنشاط العلمي ينبع من احترام المجتمع وتقديره للعلم والعلماء، وهذا أجدى من التقدير المادي. إن إهمال المجتمع لهذه النواحي، [ ص: 80 ] وعمليات الإرهاب الفكري التي يعيشها المجتمع في معظم أنحاء العالم الإسلامي، وعدم الشعور بالاطمئنان والأمن والاستقرار - بصفة عامة - كلها عوامل تؤدي إلى الحيلولة دون النبوغ العلمي.

                  الحقيقة أن مناخ الاستبداد السياسي لا ينشئ نبوغا علميا ولا علماء، لكن في الوقت نفسه من المفروض أن نوفر للجيل المسلم - وللإسلاميين بشكل عام - حصانة نفسية تحول دون السقوط، فكيف نستطيع حمل الشباب المسلم على تجاوز الصورة إلى الحقيقة؛ ليعلموا أن الحقائق هـي التي تبني مجتمع المستقبل؟ فنحن لا نرضى بأن نستسلم لما أريد لنا من مخططات ونعدم الأسلحة أمام التحدي القائم.

                  ما من شك في أن فهم الفرد المسلم للإسلام هـو الحل لكل هـذه القضايا، فهم المسلم معنى " لا إله إلا الله " وأنه لا سلطان في هـذا الوجود لغير الله سبحانه وتعالى، فإذا تربى المسلم من الصغر على فهم دقيق للعقيدة الإسلامية، بمعنى أن عمره في هـذه الدنيا حدده الله تعالى، ولا تستطيع قوة على وجه الأرض أن تزيد من عمره لحظة أو تنقص منه لحظة، وأن رزقه مقدر سلفا، ولا تستطيع قوة على الأرض أن تزيده أو تنقصه درهما واحدا، هـذه المعاني النفسية مهمة جدا وبدونها يضيع الإنسان.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية