الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  استيقاظ أقدار التدين ليس من شك في أن المجتمع الإسلامي الأول الذي يمثل عملية الانتقال، [ ص: 27 ] هو المقياس في مرحلة مماثلة أو مشابهة؛ لأن نهوض أي مجتمع. مرهون بتوافر شروط ميلاده الأولى. لكن نحن مختلفون - كما قدمت - عن المجتمع الأول، بأن التدرج في التشريع والتطبيق كانا في المجتمع الأول مترافقين.

                  لعل ذلك مما ييسر أمرنا، فقد كانوا يتقدمون على طريق الإسلام إيمانا وتوكلا وينتظرون الوحي من الله سبحانه وتعالى ثم يلتزمون، فكان الأمر يقتضيهم درجة من الإيمان بالغيب، أما نحن اليوم فوراءنا عبرة التاريخ كله تهدينا، ووراءنا الصورة الكاملة للقبلة الإسلامية التي نستهدفها، فنحن إذ نخطو خطوة على الطريق، نتصور ما يتلوها من خطوات، إن لم يتيسر لنا أن نتمثل ذلك في واقعنا.

                  ثم إنهم بدءوا من جاهلية مطلقة في أمة أمية كانت محرومة من التراث الكتابي العام الذي يمهد لبعض المفهومات الدينية، أما نحن، فنقوم بحمد الله في مجتمع ليس بكامله جاهليا، قد تكون فيه جاهليات وفيه ظلم، ولكنا نحذر أن نسميه مجتمعا جاهليا لأننا بذلك نظلمه. ولا تزال في كوامن فطرته أقدار من التدين، ولذلك - بالتذكير القليل - تستيقظ كل هـذه الأقدار، وتكاد تحدث معجزة في دفع التحول. وتشاهد أحيانا في الفرد الواحد، كيف يحدث الانقلاب فيه من حادث يطرأ عليه، أو موقف يصدمه، فيذكره بالله، فيحدث انقلاب هـائل في حياته كلها، ويحدث مثل ذلك على صعيد المجتمع.

                  وإننا نشاهد اليوم - وهذه أيضا مشاهد انتقال لا يكاد الإنسان يصدقها - كيف تتم المعجزات الحقيقية في الانتقال ! وكيف نتصور المعضلة الكبيرة، التي نقدر أنها ستكلفنا التكاليف، كيف ييسرها الله سبحانه وتعالى، إذ يستيقظ الإيمان فيتصل بقوة الله سبحانه وتعالى ذي الحول والطول، إن الله هـو الموفق وبيده تصريف الخلق والأمر.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية