الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  فقه المرحلة وحسن اختيار الموقع وهناك أمر آخر أيضا، وهو أننا لم ندخل عنصر الواقع إدخالا تاما في تقديراتنا، وليس الدين إلا محاولة للتوحيد بين الأنموذج الشرعي المثالي وبين البيئة المادية والاجتماعية الواقعة. ولا يتم فقه الدين وعلمه إلا إذا تكامل علم الشرع المنقول بعلم الواقع الاجتماعي، محليا أو دوليا، ماديا كان أو اجتماعيا، لأن حركة التدين تتأثر صيغتها النهائية بهذا الواقع الذي هـو الإطار الذي ينصبه الله سبحانه وتعالى؛ ابتلاء للعبد. ولا يمكن أن نتصور الدين إلا أنه حصيلة التفاعل بين القيم والمعايير الشرعية وبين قوى الواقع المختلفة، ولذلك لا يمكن أن يكون فقه المتدينين إلا تكاملا واتحادا بين معرفة وثيقة بواقعهم الاجتماعي والدولي، وبمشكلات الحياة المادية، إلى جانب أخذهم من فقه الشرع المنقول.

                  وعند ما قام الإسلام في السودان - مثلا - اتحدت مصالح الإسلام مع مصالح الكيان الإسلامي المتمثل في السودان، وأصبحت قضايا الفقر والتخلف الاقتصادي قضايا ملحة من قضايا الدين، لأن التطبيق لا يتم إلا بمعالجتها، ولأنه من خلال التخلف الاقتصادي يمكن أن يفتن أهل السودان - جماعة - عن التزام شرع الله سبحانه وتعالى، أو أن يغزو بالمذاهب التي تقربهم إلى الذين يلتمسون عندهم العون الاقتصادي، وبالفقر الاقتصادي يمكن أن يفتن الأفراد كذلك ويتعسر عليهم أن ينشغلوا بحاجات المعاش الملحة عن التأمل في قبلة الدين، وهموم الحياة العليا، ومهمات البناء الحضاري للسودان.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية