الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( خلا ) ( س ) في حديث الرؤيا أليس كلكم يرى القمر مخليا به يقال : خلوت به ومعه وإليه . وأخليت به : إذا انفردت به ، أي كلكم يراه منفردا لنفسه ، كقوله : لا تضارون في رؤيته .

                                                          ومنه حديث أم حبيبة قالت له : لست لك بمخلية أي لم أجدك خاليا من الزوجات غيري . وليس من قولهم : امرأة مخلية : إذا خلت من الزوج .

                                                          ( س ) وفي حديث جابر تزوجت امرأة قد خلا منها أي كبرت ومضى معظم عمرها .

                                                          ومنه الحديث فلما خلا سني ونثرت له ذا بطني تريد أنها كبرت وأولدت له .

                                                          ( هـ ) وفي حديث معاوية القشيري قلت : يا رسول الله ما آيات الإسلام ؟ قال : أن تقول : أسلمت وجهي إلى الله وتخليت التخلي : التفرغ . يقال : تخلى للعبادة ، وهو تفعل ، من الخلو . والمراد التبرؤ من الشرك ، وعقد القلب على الإيمان .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث أنس أنت خلو من مصيبتي الخلو بالكسر : الفارغ البال من الهموم . والخلو أيضا : المنفرد .

                                                          ومنه الحديث إذا كنت إماما أو خلوا .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن مسعود إذا أدركت من الجمعة ركعة ، فإذا سلم الإمام فأخل وجهك وضم إليها ركعة يقال : أخل أمرك ، واخل بأمرك . أي تفرغ له وتفرد به . وورد في تفسيره [ ص: 75 ] استتر بإنسان أو بشيء وصل ركعة أخرى ، ويحمل الاستتار على أن لا يراه الناس مصليا ما فاته فيعرفوا تقصيره في الصلاة ، أو لأن الناس إذا فرغوا من الصلاة انتشروا راجعين فأمره أن يستتر بشيء لئلا يمروا بين يديه .

                                                          وفي حديث ابن عمر في قوله تعالى ليقض علينا ربك قال : فخلى عنهم أربعين عاما ، ثم قال : اخسئوا فيها ولا تكلمون أي تركهم وأعرض عنهم .

                                                          وحديث ابن عباس كان أناس يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء يتخلوا من الخلاء ، وهو قضاء الحاجة ، يعني يستحيون أن ينكشفوا عند قضاء الحاجة تحت السماء .

                                                          ( س ) وفي حديث تحريم مكة لا يختلى خلاها الخلا مقصور : النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا ، واختلاؤه : قطعه . وأخلت الأرض : كثر خلاها ، فإذا يبس فهو حشيش .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن عمر كان يختلي لفرسه أي يقطع له الخلا .

                                                          ومنه حديث عمرو بن مرة :

                                                          إذا اختليت في الحرب هام الأكابر

                                                          أي قطعت رءوسهم .

                                                          وفي حديث معتمر سئل مالك عن عجين يعجن بدردي ، فقال : إن كان يسكر فلا ، فحدث الأصمعي به معتمرا فقال : أوكان كما قال :

                                                          رأى في كف صاحبه خلاة     فتعجبه ويفزعه الجرير

                                                          الخلاة : الطائفة من الخلا ، ومعناه أن الرجل يند بعيره فيأخذ بإحدى يديه عشبا وبالأخرى حبلا ، فينظر البعير إليهما فلا يدري ما يصنع ، وذلك أنه أعجبته فتوى مالك ، وخاف التحريم لاختلاف الناس في المسكر ، فتوقف وتمثل بالبيت .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن عمر الخلية ثلاث كان الرجل في الجاهلية يقول لزوجته : أنت خلية . فكانت تطلق منه وهي في الإسلام من كنايات الطلاق ، فإذا نوى بها الطلاق وقع . يقال : رجل خلي : لا زوجة له ، وامرأة خلية : لا زوج لها .

                                                          ( س ) ومنه حديث عمر أنه رفع إليه رجل قالت له امرأته : شبهني . فقال : كأنك ظبية ، [ ص: 76 ] كأنك حمامة ، فقالت : لا أرضى حتى تقول خلية طالق ، فقال ذلك ، فقال عمر : خذ بيدها فإنها امرأتك . أراد بالخلية هاهنا الناقة تخلى من عقالها ، وطلقت من العقال تطلق طلقا فهي طالق . وقيل أراد بالخلية الغزيرة يؤخذ ولدها فيعطف عليه غيرها وتخلى للحي يشربون لبنها . والطالق الناقة التي لا خطام عليها ، وأرادت هي مخادعته بهذا القول ليلفظ به فيقع عليها الطلاق ، فقال له عمر : خذ بيدها فإنها امرأتك . ولم يوقع عليها الطلاق لأنه لم ينو به الطلاق ، وكان ذلك خداعا منها .

                                                          وفي حديث أم زرع كنت لك كأبي زرع لأم زرع في الألفة والرفاء لا في الفرقة والخلاء يعني أنه طلقها وأنا لا أطلقك .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر إن عاملا له على الطائف كتب إليه : إن رجالا من فهم كلموني في خلايا لهم أسلموا عليها وسألوني أن أحميها لهم . الخلايا جمع خلية وهو الموضع الذي تعسل فيه النحل ، وكأنها الموضع التي تخلي فيه أجوافها .

                                                          ومنه حديثه الآخر في خلايا العسل العشر .

                                                          وفي حديث علي وخلاكم ذم ما لم تشردوا يقال : افعل ذلك وخلاك ذم ، أي أعذرت وسقط عنك الذم .

                                                          وفي حديث بهز بن حكيم إنهم ليزعمون أنك تنهى عن الغي وتستخلي به أي تستقل به وتنفرد .

                                                          ومنه الحديث لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه يعني الماء واللحم : أي ينفرد بهما . يقال : خلا وأخلى . وقيل : يخلو : يعتمد ، وأخلى : إذا انفرد .

                                                          ( س ) ومنه الحديث فاستخلاه البكاء أي انفرد به . ومنه قولهم : أخلى فلان على شرب اللبن : إذا لم يأكل غيره . قال أبو موسى : قال أبو عمرو : هو بالخاء المعجمة ، وبالحاء لا شيء .

                                                          [ ص: 77 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية