الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( شرق ) ( هـ ) في حديث الحج ذكر أيام التشريق في غير موضع وهي ثلاثة أيام تلي عيد النحر ، سميت بذلك من تشريق اللحم ، وهو تقديده وبسطه في الشمس ليجف ، لأن لحوم الأضاحي كانت تشرق فيها بمنى . وقيل سميت به لأن الهدي والضحايا لا تنحر حتى تشرق الشمس : أي تطلع .

                                                          ( هـ ) وفيه أن المشركين كانوا يقولون : أشرق ثبير كيما نغير ثبير : جبل بمنى ، أي ادخل أيها الجبل في الشروق ، وهو ضوء الشمس . كيما نغير : أي ندفع للنحر . وذكر بعضهم أن أيام التشريق بهذا سميت .

                                                          * وفيه من ذبح قبل التشريق فليعد أي قبل أن يصلي صلاة العيد ، وهو من شروق الشمس لأن ذلك وقتها .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث علي لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع أراد صلاة العيد . ويقال لموضعها المشرق .

                                                          ( س ) ومنه حديث مسروق انطلق بنا إلى مشرقكم يعني المصلى . وسأل أعرابي رجلا فقال : أين منزل المشرق ، يعني الذي يصلى فيه العيد . ويقال لمسجد الخيف المشرق ، وكذلك لسوق الطائف .

                                                          * وفي حديث ابن عباس نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس يقال شرقت الشمس إذا طلعت ، وأشرقت إذا أضاءت . فإن أراد في الحديث الطلوع فقد جاء في حديث آخر حتى تطلع الشمس ، وإن أراد الإضاءة فقد جاء في حديث آخر حتى ترتفع الشمس ، والإضاءة مع الارتفاع . ( هـ ) وفيه كأنهما ظلتان سوداوان بينهما شرق الشرق هاهنا : الضوء ، وهو الشمس ، والشق أيضا .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن عباس في السماء باب للتوبة يقال له المشريق ، وقد رد حتى ما بقي إلا شرقه أي الضوء الذي يدخل من شق الباب .

                                                          [ ص: 465 ] ( هـ ) ومنه حديث وهب إذا كان الرجل لا ينكر عمل السوء على أهله جاء طائر يقال له القرقفنة فيقع على مشريق بابه فيمكث أربعين يوما ، فإن أنكر طار ، وإن لم ينكر مسح بجناحيه على عينيه فصار قنذعا ديوثا .

                                                          ( س ) وفيه لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا أو غربوا هذا أمر لأهل المدينة ومن كانت قبلته على ذلك السمت ممن هو في جهتي الشمال والجنوب ، فأما من كانت قبلته في جهة الشرق أو الغرب ، فلا يجوز له أن يشرق ولا يغرب ، إنما يجتنب أو يشتمل .

                                                          * وفيه أناخت بكم الشرق الجون يعني الفتن التي تجيء من جهة المشرق ، جمع شارق . ويروى بالفاء . وقد تقدم .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه ذكر الدنيا فقال : إنما بقي منها كشرق الموتى له معنيان : أحدهما أنه أراد به آخر النهار ; لأن الشمس في ذلك الوقت إنما تلبث قليلا ثم تغيب ، فشبه ما بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك الساعة ، والآخر من قولهم شرق الميت بريقه إذا غص به ، فشبه قلة ما بقي من الدنيا بما بقي من حياة الشرق بريقه إلى أن تخرج نفسه . وسئل الحسن بن محمد ابن الحنفية عنه فقال : ألم تر إلى الشمس إذا ارتفعت عن الحيطان فصارت بين القبور كأنها لجة ، فذلك شرق الموتى . يقال شرقت الشمس شرقا إذا ضعف ضوءها .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن مسعود ستدركون أقواما يؤخرون الصلاة إلى شرق الموتى .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه قرأ سورة المؤمنين في الصلاة ، فلما أتى على ذكر عيسى وأمه أخذته شرقة فركع الشرقة : المرة من الشرق : أي شرق بدمعه فعيي بالقراءة . وقيل أراد أنه شرق بريقه فترك القراءة وركع .

                                                          * ومنه الحديث الحرق والشرق شهادة هو الذي يشرق بالماء فيموت .

                                                          * ومنه الحديث لا تأكل الشريقة فإنها ذبيحة الشيطان فعيلة بمعنى مفعولة .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن أبي اصطلحوا على أن يعصبوه فشرق بذلك أي غص به . وهو [ ص: 466 ] مجاز فيما ناله من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحل به ، حتى كأنه شيء لم يقدر على إساغته وابتلاعه فغص به .

                                                          ( هـ ) وفيه نهى أن يضحى بشرقاء هي المشقوقة الأذن باثنتين . شرق أذنها يشرقها شرقا إذا شقها . واسم السمة الشرقة بالتحريك .

                                                          * وفي حديث عمر قال في الناقة المنكسرة : ولا هي بفقيء فتشرق عروقها أي تمتلئ دما من مرض يعرض لها في جوفها . يقال شرق الدم بجسده شرقا إذا ظهر ولم يسل .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن عمر أنه كان يخرج يديه في السجود وهما متفلقتان قد شرق بينهما الدم .

                                                          ( س ) ومنه حديث عكرمة رأيت ابنين لسالم عليهما ثياب مشرقة أي محمرة . يقال شرق الشيء إذا اشتدت حمرته ، وأشرقته بالصبغ إذا بالغت في حمرته .

                                                          ( س ) ومنه حديث الشعبي سئل عن رجل لطم عين آخر فشرقت بالدم ولما يذهب ضوءها ، فقال :

                                                          لها أمرها حتى إذا ما تبوأت بأخفافها مأوى تبوأ مضجعا

                                                          الضمير في لها للإبل يهملها الراعي ، حتى إذا جاءت إلى الموضع الذي أعجبها فأقامت فيه مال الراعي إلى مضجعه . ضربه مثلا للعين : أي لا يحكم فيها بشيء حتى تأتي على آخر أمرها وما تئول إليه ، فمعنى شرقت بالدم : أي ظهر فيها ولم يجر منها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية