الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( خلف ) ‏ ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ فيه يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين ، وتأول الجاهلين الخلف بالتحريك والسكون‏ : ‏ كل من يجيء بعد من مضى ، [ ص: 66 ] إلا أنه بالتحريك في الخير ، وبالتسكين في الشر . ‏ يقال : خلف صدق وخلف سوء‏ . ‏ ومعناهما جميعا القرن من الناس‏ . ‏ والمراد في هذا الحديث المفتوح ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ ومن السكون الحديث : سيكون بعد ستين سنة خلف أضاعوا الصلاة وحديث ابن مسعود " ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف " هي جمع خلف‏ .

                                                          وفي حديث الدعاء " اللهم أعط كل منفق خلفا " أي عوضا‏ . ‏ يقال : خلف الله لك خلفا بخير ، وأخلف عليك خيرا‏ : ‏ أي أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه‏ . ‏ وقيل : إذا ذهب للرجل ما يخلفه مثل المال والولد ، قيل : أخلف الله لك وعليك ، وإذا ذهب له ما لا يخلفه غالبا كالأب والأم قيل : خلف الله عليك‏ . ‏ وقد يقال : خلف الله عليك : إذا مات لك ميت‏ : ‏ أي كان الله خليفة عليك‏ . ‏ وأخلف الله عليك‏ : ‏ أي أبدلك .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه الحديث تكفل الله للغازي أن يخلف نفقته وحديث أبي الدرداء في الدعاء للميت " اخلفه في عقبه " أي كن لهم بعده‏ .

                                                          وحديث أم سلمة " اللهم اخلف لي خيرا منه " ‏ .

                                                          ‏ ( هـ ) ‏ومنه الحديث فلينفض فراشه فإنه لا يدري ما خلفه عليه ‏أي‏ لعل هامة دبت فصارت فيه بعده ، وخلاف الشيء : بعده .

                                                          ومنه الحديث " فدخل ابن الزبير خلافه " ‏ .

                                                          وفي حديث الدجال " قد خلفهم في ذرياتهم " ‏ .

                                                          وحديث أبي اليسر " أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا ؟ " يقال : خلفت الرجل في أهله : إذا أقمت بعده فيهم وقمت عنه بما كان يفعله ، والهمزة فيه للاستفهام‏ .

                                                          وحديث ماعز " كلما نفرنا في سبيل الله خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس " ‏ .

                                                          وحديث الأعشى الحرمازي‏ : ‏

                                                          فخلفتني بنزاع وحرب

                                                          أي بقيت بعدي ، ولو روي بالتشديد لكان بمعنى تركتني خلفها‏ . ‏ والحرب‏ : ‏ الغضب .

                                                          [ ص: 67 ] ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ وفي حديث جرير " خير المرعى الأراك والسلم إذا أخلف كان لجينا " أي : إذا أخرج الخلفة ، وهو ورق يخرج بعد الورق الأول في الصيف .

                                                          ومنه حديث خزيمة السلمي " حتى آل السلامى وأخلف الخزامى " أي طلعت خلفته من أصوله بالمطر‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفي حديث سعد " أتخلف عن هجرتي " يريد خوف الموت بمكة ، لأنها دار تركوها لله تعالى وهاجروا إلى المدينة ، فلم يحبوا أن يكون موتهم بها ، وكان يومئذ مريضا‏ . ‏ والتخلف‏ : ‏ التأخر .

                                                          ومنه حديث سعد " فخلفنا فكنا آخر الأربع " أي أخرنا ولم يقدمنا‏ .

                                                          والحديث الآخر حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم أي ما يتقدم عليهم ويتركهم وراءه‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفيه سووا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم أي : إذا تقدم بعضكم على بعض في الصفوف تأثرت قلوبكم ، ونشأ بينكم الخلف ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه الحديث الآخر لتسون صفوفكم ، أو ليخالفن الله بين وجوهكم يريد أن كلا منهم يصرف وجهه عن الآخر ، ويوقع بينهم التباغض ، فإن إقبال الوجه على الوجه من أثر المودة والألفة‏ . ‏ وقيل : أراد بها تحويلها إلى الأدبار‏ . ‏ وقيل : تغيير صورها إلى صور أخرى . . ‏وفيه إذا وعد أخلف أي لم يف بوعده ولم يصدق‏ . ‏ والاسم منه الخلف بالضم .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفي حديث الصوم خلفة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك الخلفة بالكسر‏ : ‏ تغير ريح الفم‏ . ‏ وأصلها في النبات أن ينبت الشيء بعد الشيء ; لأنها رائحة حدثت بعد الرائحة الأولى‏ . ‏ يقال : خلف فمه يخلف خلفة‏ وخلوفا .

                                                          ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ ومنه الحديث لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ‏ ( ‏ هـ ) ‏ ومنه حديث علي ، وسئل عن قبلة الصائم فقال‏ : ‏ " وما أربك إلى خلوف فيها ؟ " [ ص: 68 ] ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ وفيه " إن اليهود قالت : لقد علمنا أن محمدا لم يترك أهله خلوفا " أي لم يتركهن سدى لا راعي لهن ولا حامي‏ . ‏ يقال : حي خلوف : إذا غاب الرجال وأقام النساء‏ . ‏ ويطلق على المقيمين والظاعنين .

                                                          ومنه حديث المرأة والمزادتين " ونفرنا خلوف " أي رجالنا غيب .

                                                          وحديث الخدري " فأتينا القوم خلوفا " ‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفي حديث الدية " كذا وكذا خلفة " الخلفة - بفتح الخاء وكسر اللام - ‏ : ‏ الحامل من النوق ، وتجمع على خلفات وخلائف‏ . ‏ وقد خلفت : إذا حملت ، وأخلفت : إذا حالت‏ . ‏ وقد تكرر ذكرها في الحديث مفردة ومجموعة .

                                                          ومنه الحديث ثلاث آيات يقرؤهن أحدكم خير له من ثلاث خلفات سمان عظام ‏ .

                                                          ومنه حديث هدم الكعبة " لما هدموها ظهر فيها مثل خلائف الإبل " أراد بها صخورا عظاما في أساسها بقدر النوق الحوامل‏ .

                                                          ‏‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفيه " دع داعي اللبن ، قال : فتركت أخلافها قائمة " الأخلاف‏ : ‏ جمع خلف بالكسر ، وهو الضرع لكل ذات خف وظلف‏ . ‏ وقيل : هو مقبض يد الحالب من الضرع‏ . ‏ وقد تكرر في الحديث .

                                                          ‏ ( هـ ) ‏ وفي حديث عائشة وبناء الكعبة قال لها : لولا حدثان قومك بالكفر لبنيتها على أساس إبراهيم ، وجعلت لها خلفين ، فإن قريشا استقصرت من بنائها الخلف‏ : ‏ الظهر ، كأنه أراد أن يجعل لها بابين ، والجهة التي تقابل الباب من البيت ظهره ، فإذا كان لها بابان فقد صار لها ظهران‏ . ‏ ويروى بكسر الخاء‏ : ‏ أي زيادتين كالثديين ، والأول الوجه .

                                                          وفي حديث الصلاة ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم أي آتيهم من خلفهم ، أو أخالف ما أظهرت من إقامة الصلاة وأرجع إليهم فآخذهم على غفلة ، أو يكون بمعنى أتخلف عن الصلاة بمعاقبتهم‏ .

                                                          ومنه حديث السقيفة " وخالف عنا علي والزبير " أي تخلفا‏ .

                                                          ‏ ( ‏ه‏ ) ‏ وفي حديث عبد الرحمن بن عوف " إن رجلا أخلف السيف يوم بدر " يقال : [ ص: 69 ] أخلف يده ‏ : إذا أراد سيفه فأخلف يده إلى الكنانة‏ . ‏ ويقال‏ : ‏ خلف له بالسيف ‏ : إذا جاءه من ورائه فضربه .

                                                          ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ ومنه الحديث " جئت في الهاجرة فوجدت عمر يصلي ، فقمت عن يساره فأخلفني فجعلني عن يمينه " أي أدارني من خلفه .

                                                          ومنه الحديث " فأخلف بيده وأخذ يدفع الفضل " ‏ .

                                                          ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ وفي حديث أبي بكر " جاءه أعرابي فقال له : أنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال لا . قال : فما أنت ؟ قال : أنا الخالفة بعده " الخليفة من يقوم مقام الذاهب ويسد مسده ، والهاء فيه للمبالغة ، وجمعه الخلفاء على معنى التذكير لا على اللفظ ، مثل ظريف وظرفاء‏ . ‏ ويجمع على اللفظ خلائف ، كظريفة وظرائف‏ . ‏ فأما الخالفة فهو الذي لا غناء عنده ولا خير فيه‏ . وكذلك الخالف‏ . ‏ وقيل : هو الكثير الخلاف ، وهو بين الخلافة بالفتح‏ . ‏ وإنما قال ذلك تواضعا وهضما من نفسه حين قال له : أنت خليفة رسول الله .

                                                          ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ ومنه الحديث " لما أسلم سعيد بن زيد قال له بعض أهله : إني لأحسبك خالفة بني عدي " أي الكثير الخلاف لهم‏ . ‏ وقال الزمخشري‏ : ‏ " إن الخطاب أبا عمر قاله لزيد بن عمرو أبي سعيد بن زيد لما خالف دين قومه . ويجوز أن يريد به الذي لا خير عنده " ‏ .

                                                          ومنه الحديث أيما مسلم خلف غازيا في خالفته أي في من أقام بعده من أهله وتخلف عنه‏ .

                                                          ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ وفي حديث عمر " لو أطقت الأذان مع الخليفى لأذنت " الخليفى بالكسر والتشديد والقصر‏ : ‏ الخلافة ، وهو وأمثاله من الأبنية ، كالرميا والدليلا ، مصدر يدل على معنى الكثرة‏ . ‏ يريد به كثرة اجتهاده في ضبط أمور الخلافة وتصريف أعنتها‏ .

                                                          وفيه ذكر " خليفة " بفتح الخاء وكسر اللام‏ : ‏ جبل بمكة يشرف على أجياد‏ .

                                                          ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ وفي حديث معاذ " من تحول من مخلاف إلى مخلاف فعشره وصدقته إلى مخلافه [ ص: 70 ] الأول إذا حال عليه الحول " المخلاف في اليمن كالرستاق في العراق ، وجمعه المخاليف ، أراد أنه يؤدي صدقته إلى عشيرته التي كان يؤدي إليها ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ ومنه حديث ذي المشعار " من مخلاف خارف ويام " هما قبيلتان من اليمن‏ .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية