الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 232 ] ( رضىي ) في حديث الدعاء اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك وفي رواية بدأ بالمعافاة ثم بالرضا ، إنما ابتدأ بالمعافاة من العقوبة ، لأنها من صفات الأفعال كالإماتة والإحياء . والرضا والسخط من صفات الذات . وصفات الأفعال أدنى رتبة من صفات الذات ، فبدأ بالأدنى مترقيا إلى الأعلى . ثم لما ازداد يقينا وارتقاء ترك الصفات وقصر نظره على الذات فقال : أعوذ بك منك ، ثم لما ازداد قربا استحيا معه من الاستعاذة على بساط القرب ، فالتجأ إلى الثناء فقال : لا أحصي ثناء عليك ، ثم علم أن ذلك قصور فقال : أنت كما أثنيت على نفسك ، وأما على الرواية الأولى فإنما قدم الاستعاذة بالرضا على السخط ; لأن المعافاة من العقوبة تحصل بحصول الرضا ، وإنما ذكرها لأن دلالة الأولى عليها دلالة تضمين ، فأراد أن يدل عليها دلالة مطابقة ، فكنى عنها أولا ، ثم صرح بها ثانيا ، ولأن الراضي قد يعاقب للمصلحة ، أو لاستيفاء حق الغير .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية