الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( خلع ) ( س ) فيه من خلع يدا من طاعة لقي الله تعالى لا حجة له أي خرج من طاعة سلطانه ، وعدا عليه بالشر ، وهو من خلعت الثوب : إذا ألقيته عنك . شبه الطاعة واشتمالها على الإنسان به ، وخص اليد لأن المعاهدة والمعاقدة بها .

                                                          ومنه الحديث وقد كانت هذيل خلعوا خليعا لهم في الجاهلية كانت العرب يتعاهدون ويتعاقدون على النصرة والإعانة ، وأن يؤخذ كل منهم بالآخر ، فإذا أرادوا أن يتبرءوا من إنسان قد حالفوه أظهروا ذلك إلى الناس ، وسموا ذلك الفعل خلعا ، والمتبرأ منه خليعا : أي مخلوعا ، فلا يؤخذون بجنايته ولا يؤخذ بجنايتهم ، فكأنهم قد خلعوا اليمين التي كانوا قد لبسوها [ ص: 65 ] معه ، وسموه خلعا وخليعا مجازا واتساعا ، وبه يسمى الإمام والأمير إذا عزل خليعا ، كأنه قد لبس الخلافة والإمارة ثم خلعها .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عثمان قال له : إن الله سيقمصك قميصا وإنك تلاص على خلعه أراد الخلافة وتركها والخروج منها .

                                                          ومنه حديث كعب إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة أي أخرج منه جميعه وأتصدق به وأعرى منه كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عثمان كان إذا أتي بالرجل الذي قد تخلع في الشراب المسكر جلده ثمانين هو الذي انهمك في الشرب ولازمه ، كأنه خلع رسنه وأعطى نفسه هواها ، وهو تفعل ، من الخلع .

                                                          وفي حديث ابن الصبغاء فكان رجل منهم خليع أي مستهتر بالشرب واللهو ، أو من الخليع : الشاطر الخبيث الذي خلعته عشيرته وتبرءوا منه .

                                                          ( هـ ) وفيه المختلعات هن المنافقات يعني اللاتي يطلبن الخلع والطلاق من أزواجهن بغير عذر . يقال : خلع امرأته خلعا ، وخالعها مخالعة ، واختلعت هي منه فهي خالع . وأصله من خلع الثوب . والخلع أن يطلق زوجته على عوض تبذله له ، وفائدته إبطال الرجعة إلا بعقد جديد . وفيه عند الشافعي خلاف : هل هو فسخ أو طلاق ، وقد يسمى الخلع طلاقا .

                                                          ومنه حديث عمر إن امرأة نشزت على زوجها ، فقال له عمر : اخلعها أي طلقها واتركها .

                                                          وفيه من شر ما أعطي الرجل شح هالع وجبن خالع أي شديد كأنه يخلع فؤاده من شدة خوفه ، وهو مجاز في الخلع . والمراد به ما يعرض من نوازع الأفكار وضعف القلب عند الخوف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية