الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( روح ) قد تكرر ذكر الروح في الحديث ، كما تكرر في القرآن ، ووردت فيه على معان ، والغالب منها أن المراد بالروح الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة ، وقد أطلق على [ ص: 272 ] القرآن ، والوحي ، والرحمة ، وعلى جبريل في قوله - تعالى - الروح الأمين وروح القدس‏ . ‏ والروح يذكر ويؤنث‏ .

                                                          ‏ ( ‏هـ ) ‏ وفيه تحابوا بذكر الله وروحه أراد ما يحيا به الخلق ويهتدون ، فيكون حياة لهم‏ . ‏ وقيل أراد أمر النبوة‏ . ‏ وقيل هو القرآن‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه الحديث الملائكة الروحانيون يروى بضم الراء وفتحها ، كأنه نسبة إلى الروح أو الروح ، وهو نسيم الريح ، والألف والنون من زيادات النسب ، ويريد به أنهم أجسام لطيفة لا يدركها البصر‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه حديث ضماد إنى أعالج من هذه الأرواح الأرواح هاهنا كناية عن الجن ، سموا أرواحا لكونهم لا يرون ، فهم بمنزلة الأرواح‏ .

                                                          ‏ ( ‏هـ ) ‏ وفيه من قتل نفسا معاهدة لم يرح رائحة الجنة أي لم يشم ريحها‏ . ‏ يقال راح يريح ، وراح يراح ، وأراح يريح : ‏ إذا وجد رائحة الشيء ، والثلاثة قد روي بها الحديث‏ .

                                                          وفيه هبت أرواح النصر الأرواح جمع ريح لأن أصلها الواو ، وتجمع على أرياح قليلا ، وعلى رياح كثيرا ، يقال الريح لآل فلان ‏ : ‏ أي النصر والدولة . ‏ وكان لفلان ريح .

                                                          ومنه حديث عائشة رضي الله عنها كان الناس يسكنون العالية فيحضرون الجمعة وبهم وسخ ، فإذا أصابهم الروح سطعت أرواحهم ، فيتأذى به الناس فأمروا بالغسل الروح بالفتح‏ : ‏ نسيم الريح ، كانوا إذا مر عليهم النسيم تكيف بأرواحهم وحملها إلى الناس‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه الحديث كان يقول إذا هاجت الريح : اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا العرب تقول‏ : ‏ لا تلقح السحاب إلا من رياح مختلفة ، يريد اجعلها لقاحا للسحاب ، ولا تجعلها عذابا‏ . ‏ ويحقق ذلك مجيء الجمع في آيات الرحمة ، والواحد في قصص العذاب ، كالريح العقيم ، وريحا صرصرا‏ .

                                                          وفيه الريح من روح الله أي من رحمته بعباده‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفيه أن رجلا حضره الموت فقال لأولاده : أحرقوني ثم انظروا يوما راحا فأذروني فيه [ ص: 273 ] يوم راح‏ : ‏ أي ذو ريح ، كقولهم رجل مال‏ . ‏ وقيل‏ : ‏ يوم راح وليلة راحة إذا اشتدت الريح فيهما‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفيه رأيتهم يتروحون في الضحى أي احتاجوا إلى التروح من الحر بالمروحة ، أو يكون من الرواح‏ : ‏ العود إلى بيوتهم ، أو من طلب الراحة‏ .

                                                          ‏ [ ‏هـ‏ ] ‏ ومنه حديث ابن عمر ركب ناقة فارهة فمشت به مشيا جيدا فقال :

                                                          كأن راكبها غصن بمروحة إذا تدلت به أو شارب ثمل

                                                          المروحة بالفتح : الموضع الذي تخترقه الريح ، وهو المراد ، وبالكسر : الآلة التي يتروح بها . أخرجه الهروي من حديث ابن عمر ، والزمخشري من حديث عمر .

                                                          ( س ) وفي حديث قتادة أنه سئل عن الماء الذي قد أروح أيتوضأ منه ؟ فقال : لا بأس يقال أروح الماء وأراح إذا تغيرت ريحه‏ .

                                                          ‏ ( ‏هـ ) ‏ وفيه من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة أي مشى إليها وذهب إلى الصلاة ، ولم يرد رواح آخر النهار‏ . ‏ يقال راح القوم وتروحوا إذا ساروا أي وقت كان‏ . ‏ وقيل أصل الرواح أن يكون بعد الزوال ، فلا تكون الساعات التي عددها في الحديث إلا في ساعة واحدة من يوم الجمعة ، وهي بعد الزوال ، كقولك قعدت عندك ساعة ، وإنما تريد جزءا من الزمان وإن لم تكن ساعة حقيقية التي هي جزء من أربعة وعشرين جزءا مجموع الليل والنهار‏ .

                                                          وفي حديث سرقة الغنم ليس فيه قطع حتى يئويه المراح المراح بالضم‏ : ‏ الموضع الذي تروح إليه الماشية‏ : ‏ أي تأوي إليه ليلا‏ . ‏ وأما بالفتح فهو الموضع الذي يروح إليه القوم أو يروحون منه ، كالمغدى ، للموضع الذي يغدى منه‏ .

                                                          ومنه حديث أم زرع وأراح علي نعما ثريا أي أعطاني ; لأنها كانت هي مراحا لنعمه‏ .

                                                          وفي حديثها أيضا وأعطاني من كل رائحة زوجا أي مما يروح عليه من أصناف المال أعطاني نصيبا وصنفا‏ . ‏ ويروى ذابحة بالذال المعجمة والباء‏ . ‏ وقد تقدم ‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه حديث الزبير لولا حدود فرضت وفرائض حدت تراح على أهلها أي [ ص: 274 ] ترد إليهم ، وأهلها هم الأئمة . ‏ ويجوز بالعكس ، وهو أن الأئمة يردونها إلى أهلها من الرعية‏ .

                                                          ومنه حديث عائشة حتى أراح الحق على أهله ‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفي حديث عقبة روحتها بالعشي أي رددتها إلى المراح‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وحديث أبي طلحة ذاك مال رائح أي يروح عليك نفعه وثوابه ، يعني قرب وصوله إليه‏ . ‏ ويروى بالباء وقد سبق‏ .

                                                          ومنه الحديث على روحة من المدينة أي مقدار روحة ، وهي المرة من الرواح‏ .

                                                          ‏ ( ‏هـ ) ‏ وفيه أنه قال لبلال : أرحنا بها يا بلال أي أذن بالصلاة نسترح بأدائها من شغل القلب بها‏ . ‏ وقيل كان اشتغاله بالصلاة راحة له ; فإنه كان يعد غيرها من الأعمال الدنيوية تعبا ، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله - تعالى - ، ولهذا قال قرة عيني في الصلاة وما أقرب الراحة من قرة العين‏ . ‏ يقال‏ : ‏ أراح الرجل واستراح إذا رجعت نفسه إليه بعد الإعياء‏ .

                                                          ‏ ( ‏هـ ) ‏ ومنه حديث أم أيمن إنها عطشت مهاجرة في يوم شديد الحر ، فدلي إليها دلو من السماء فشربت حتى أراحت ‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفيه أنه كان يراوح بين قدميه من طول القيام أي يعتمد على إحداهما مرة وعلى الأخرى مرة ليوصل الراحة إلى كل منهما‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه حديث ابن مسعود أنه أبصر رجلا صافا قدميه فقال : لو راوح كان أفضل ‏ .

                                                          ومنه حديث بكر بن عبد الله كان ثابت يراوح ما بين جبهته وقدميه أي قائما وساجدا ، يعني في الصلاة‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه حديث صلاة التراويح لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين‏ . ‏ والتراويح جمع ترويحة ، وهي المرة الواحدة من الراحة ، تفعيلة منها ، مثل تسليمة من السلام‏ .

                                                          ‏ ( ‏هـ ) ‏ وفي شعر النابغة الجعدي يمدح ابن الزبير‏ : ‏

                                                          حكيت لنا الصديق لما وليتنا     وعثمان والفاروق فارتاح معدم

                                                          أي سمحت نفس المعدم وسهل عليه البذل‏ . ‏ يقال‏ : ‏ رحت للمعروف أراح ريحا ، وارتحت أرتاح ارتياحا ، إذا ملت إليه وأحببته .

                                                          [ ص: 275 ] [ ‏ هـ ‏ ] ‏ ومنه قولهم رجل أريحي إذا كان سخيا يرتاح للندى‏ .

                                                          ‏ [ ‏ هـ ‏ ] ‏ وفيه نهى أن يكتحل المحرم بالإثمد المروح أي المطيب بالمسك ، كأنه جعل له رائحة تفوح بعد أن لم تكن له رائحة‏ .

                                                          ومنه الحديث الآخر أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم ‏ .

                                                          وفي حديث جعفر ناول رجلا ثوبا جديدا فقال : اطوه على راحته أي على طيه الأول‏ .

                                                          ‏ ( ‏ هـ ‏ ) ‏ وفي حديث عمر رضي الله عنه " أنه كان أروح كأنه راكب والناس يمشون " الأروح الذي تتدانى عقباه ويتباعد صدرا قدميه‏ .

                                                          ‏ ( ‏هـ ) ‏ ومنه الحديث لكأني أنظر إلى كنانة بن عبد ياليل قد أقبل تضرب درعه روحتي رجليه ‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه الحديث أنه أتي بقدح أروح أي متسع مبطوح‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفي حديث الأسود بن يزيد إن الجمل الأحمر ليريح فيه من الحر الإراحة هاهنا‏ : ‏ الموت والهلاك . ‏ ويروى بالنون . ‏ وقد تقدم ‏ .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية