الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( خلق ) في أسماء الله تعالى الخالق وهو الذي أوجد الأشياء جميعها بعد أن لم تكن موجودة . وأصل الخلق التقدير ، فهو باعتبار تقدير ما منه وجودها ، وباعتبار الإيجاد على وفق التقدير خالق .

                                                          وفي حديث الخوارج هم شر الخلق والخليقة الخلق : الناس . والخليقة : البهائم . وقيل هما بمعنى واحد ، ويريد بهما جميع الخلائق .

                                                          وفيه ليس شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق الخلق بضم اللام وسكونها : الدين والطبع والسجية ، وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ، ولهما أوصاف حسنة وقبيحة ، والثواب والعقاب مما يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة ، ولهذا تكررت الأحاديث في مدح حسن الخلق في غير موضع .

                                                          ( س ) كقوله : أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق .

                                                          ( س ) وقوله : أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا .

                                                          ( س ) وقوله : إن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم .

                                                          وقوله : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . وأحاديث من هذا النوع كثيرة ، وكذلك جاء في ذم سوء الخلق أحاديث كثيرة .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عائشة كان خلقه القرآن أي كان متمسكا بآدابه وأوامره ونواهيه . وما يشتمل عليه من المكارم والمحاسن والألطاف .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر من تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله أي تكلف أن يظهر من خلقه خلاف ما ينطوي عليه ، مثل تصنع وتجمل : إذا أظهر الصنيع والجميل .

                                                          وفيه ليس لهم في الآخرة من خلاق الخلاق بالفتح : الحظ والنصيب .

                                                          [ ص: 71 ] ومنه حديث أبي وأما طعام لم يصنع إلا لك فإنك إن أكلته إنما تأكل منه بخلاقك أي بحظك ونصيبك من الدين . قال له ذلك في طعام من أقرأه القرآن ، وقد تكرر ذكره في الحديث .

                                                          وفي حديث أبي طالب إن هذا إلا اختلاق أي كذب ، وهو افتعال من الخلق والإبداع . كأن الكاذب يخلق قوله . وأصل الخلق : التقدير قبل القطع .

                                                          ومنه حديث أخت أمية بن أبي الصلت قالت : فدخل علي وأنا أخلق أديما أي أقدره لأقطعه .

                                                          وفي حديث أم خالد قال لها : أبلي وأخلقي يروى بالقاف والفاء ، فبالقاف من إخلاق الثوب : تقطيعه ، وقد خلق الثوب وأخلق . وأما الفاء فبمعنى العوض والبدل ، وهو الأشبه . وقد تكرر الإخلاق بالقاف في الحديث .

                                                          ( هـ ) وفي حديث فاطمة بنت قيس وأما معاوية فرجل أخلق من المال أي خلو عار . يقال : حجر أخلق : أي أملس مصمت لا يؤثر فيه شيء .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عمر ليس الفقير الذي لا مال له ، إنما الفقير الأخلق الكسب . أراد أن الفقر الأكبر إنما هو فقر الآخرة ، وأن فقر الدنيا أهون الفقرين . ومعنى وصف الكسب بذلك أنه وافر منتظم لا يقع فيه وكس ولا يتحيفه نقص ، وهو مثل للرجل الذي لا يصاب في ماله ولا ينكب ، فيثاب على صبره ، فإذا لم يصب فيه ولم ينكب كان فقيرا من الثواب .

                                                          ومنه حديث عمر بن عبد العزيز كتب له في امرأة خلقاء تزوجها رجل ، فكتب إليه : إن كانوا علموا بذلك - يعني أولياءها - فأغرمهم صداقها لزوجها الخلقاء : هي الرتقاء ، من الصخرة الملساء المصمتة .

                                                          وفيه ذكر الخلوق قد تكرر في غير موضع ، وهو طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب ، وتغلب عليه الحمرة والصفرة . وقد ورد تارة بإباحته وتارة بالنهي عنه ، والنهي أكثر وأثبت . وإنما نهى عنه لأنه من طيب النساء ، وكن أكثر استعمالا له منهم . والظاهر أن أحاديث النهي ناسخة .

                                                          [ ص: 72 ] وفي حديث ابن مسعود وقتله أبا جهل وهو كالجمل المخلق أي التام الخلق ) ( .

                                                          ( س هـ ) وفي حديث صفة السحاب واخلولق بعد تفرق أي اجتمع وتهيأ للمطر وصار خليقا به . يقال : خلق بالضم ، وهو أخلق به ، وهذا مخلقة لذلك : أي هو أجدر ، وجدير به .

                                                          ( هـ ) ومنه خطبة ابن الزبير إن الموت قد تغشاكم سحابه ، وأحدق بكم ربابه ، واخلولق بعد تفرق وهذا البناء للمبالغة ، وهو افعوعل ، كاغدودن ، واعشوشب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية