الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( رقق ) ( س ) فيه يودى المكاتب بقدر ما رق منه دية العبد ، وبقدر ما أدى دية الحر قد تكرر ذكر الرق والرقيق في الحديث . والرق : الملك . والرقيق : المملوك ، فعيل بمعنى مفعول . وقد يطلق على الجماعة كالرفيق ، تقول رق العبد وأرقه واسترقه . ومعنى الحديث : أن المكاتب إذا جني عليه جناية وقد أدى بعض كتابته ، فإن الجاني عليه يدفع إلى ورثته بقدر ما كان أدى من كتابته دية حر ، ويدفع إلى مولاه بقدر ما بقي من كتابته دية عبد ، كأن كاتب على ألف ، وقيمته مائة ، فأدى خمسمائة ثم قتل ، فلورثة العبد خمسة آلاف ، نصف دية حر ، ولمولاه خمسون ، نصف قيمته . وهذا الحديث أخرجه أبو داود في السنن عن ابن عباس ، وهو مذهب النخعي . ويروى عن علي شيء منه . وأجمع الفقهاء على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم .

                                                          [ ص: 252 ] وفي حديث عمر فلم يبق أحد من المسلمين إلا له فيها حظ وحق ، إلا بعض من تملكون من أرقائكم أي عبيدكم . قيل أراد به عبيدا مخصوصين ، وذلك أن عمر رضي الله عنه كان يعطي ثلاثة مماليك لبني غفار شهدوا بدرا ، لكل واحد منهم في كل سنة ثلاثة آلاف درهم ، فأراد بهذا الاستثناء هؤلاء الثلاثة . وقيل أراد جميع المماليك . وإنما استثنى من جملة المسلمين بعضا من كل ، فكان ذلك منصرفا إلى جنس المماليك ، وقد يوضع البعض موضع الكل حتى قيل إنه من الأضداد .

                                                          ( س ) وفيه أنه ما أكل مرققا حتى لقي الله - تعالى - هو الأرغفة الواسعة الرقيقة . يقال : رقيق ورقاق ، كطويل وطوال .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ظبيان ويخفضها بطنان الرقاق الرقاق : ما اتسع من الأرض ولان ، واحدها رق بالكسر .

                                                          ( هـ ) وفيه كان فقهاء المدينة يشترون الرق فيأكلونه هو بالكسر : العظيم من السلاحف ، ورواه الجوهري مفتوحا .

                                                          ( هـ ) وفيه استوصوا بالمعزى فإنه مال رقيق أي ليس له صبر الضأن على الجفاء وشدة البرد .

                                                          ومنه حديث عائشة إن أبا بكر رجل رقيق أي ضعيف هين لين .

                                                          ومنه الحديث : أهل اليمن أرق قلوبا أي ألين وأقبل للموعظة . والمراد بالرقة ضد القسوة والشدة .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عثمان رضي الله عنه كبرت سني ورق عظمي أي ضعف . وقيل هو من قول عمر رضي الله عنه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الغسل إنه بدأ بيمينه فغسلها ، ثم غسل مراقه بشماله . المراق : ما سفل من البطن فما تحته من المواضع التي ترق جلودها ، واحدها مرق . قاله الهروي . وقال الجوهري : لا واحد لها .

                                                          [ ص: 253 ] ومنه الحديث أنه اطلى حتى إذا بلغ المراق ولي هو ذلك بنفسه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الشعبي سئل عن رجل قبل أم امرأته ، فقال : أعن صبوح ترقق ؟ حرمت عليه امرأته هذا مثل للعرب . يقال لمن يظهر شيئا وهو يريد غيره ، كأنه أراد أن يقول : جامع أم امرأته فقال : قبل . وأصله : أن رجلا نزل بقوم فبات عندهم ، فجعل يرقق كلامه ويقول : إذا أصبحت غدا فاصطبحت فعلت كذا ، يريد إيجاب الصبوح عليهم ، فقال بعضهم : أعن صبوح ترقق ؟ أي تعرض بالصبوح . وحقيقته أن الغرض الذي يقصده كأن عليه ما يستره ، فيريد أن يجعله رقيقا شفافا ينم على ما وراءه . وكأن الشعبي اتهم السائل ، وأراد بالقبلة ما يتبعها فغلظ عليه الأمر .

                                                          وفيه وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا أي تشوق بتحسينها وتسويلها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية