الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( رجا ) * في حديث توبة كعب بن مالك وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أي أخره . والإرجاء : التأخير ، وهذا مهموز .

                                                          ( س ) ومنه حديث ذكر المرجئة وهم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية ، كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة . سموا مرجئة لاعتقادهم أن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي : أي أخره عنهم . والمرجئة تهمز ولا تهمز . وكلاهما بمعنى التأخير . يقال : أرجأت الأمر وأرجيته : إذا أخرته . فتقول من الهمز رجل مرجئ ، وهم المرجئة ، وفي النسب مرجئي ، مثال مرجع ، ومرجعة ، ومرجعي ، وإذا لم تهمزه قلت رجل مرج ومرجية ، ومرجي ، مثل معط ، ومعطية ، ومعطي .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن عباس ألا ترى أنهم يتبايعون الذهب والطعام مرجى . أي مؤجلا مؤخرا ، ويهمز ولا يهمز . وفي كتاب الخطابي على اختلاف نسخه : مرجى [ ص: 207 ] بالتشديد للمبالغة . ومعنى الحديث : أن يشتري من إنسان طعاما بدينار إلى أجل ، ثم يبيعه منه أو من غيره قبل أن يقبضه بدينارين مثلا ، فلا يجوز ; لأنه في التقدير بيع ذهب بذهب والطعام غائب ، فكأنه قد باعه ديناره الذي اشترى به الطعام بدينارين ، فهو ربا ، ولأنه بيع غائب بناجز ولا يصح . وقد تكرر فيه ذكر الرجاء بمعنى التوقع والأمل . تقول : رجوته أرجوه رجوا ورجاء ورجاوة ، وهمزته منقلبة عن واو بدليل ظهورها في رجاوة ، وقد جاء فيها رجاءة .

                                                          * ومنه الحديث إلا رجاءة أن أكون من أهلها .

                                                          ( س ) وفي حديث حذيفة لما أتي بكفنه قال : إن يصب أخوكم خيرا فعسى وإلا فليترام بي رجواها إلى يوم القيامة أي جانبا الحفرة ، والضمير راجع إلى غير مذكور ، يريد به الحفرة . والرجا مقصور : ناحية الموضع ، وتثنيته رجوان ، كعصا وعصوان ، وجمعه أرجاء . وقوله : فليترام بي ، لفظه أمر ، والمراد به الخبر : أي وإلا ترامى بي رجواها ، كقوله فليمدد له الرحمن مدا .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن عباس ووصف معاوية فقال : كان الناس يردون منه أرجاء واد رحب . أي نواحيه وصفه بسعة العطن والاحتمال والأناة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية