الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 199 ] ( رجز ) ( س ) في حديث الوليد بن المغيرة حين قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم إنه شاعر فقال : لقد عرفت الشعر ; رجزه وهزجه وقريضه فما هو به . الرجز : بحر من بحور الشعر معروف ونوع من أنواعه ، يكون كل مصراع منه مفردا ، وتسمى قصائده أراجيز ، واحدها أرجوزة ، فهو كهيئة السجع إلا أنه في وزن الشعر . ويسمى قائله راجزا ، كما يسمى قائل بحور الشعر شاعرا . قال الحربي : ولم يبلغني أنه جرى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم من ضروب الرجز إلا ضربان : المنهوك ، والمشطور . ولم يعدهما الخليل شعرا ، فالمنهوك كقوله في رواية البراء أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم على بغلة بيضاء يقول :

                                                          أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

                                                          والمشطور كقوله في رواية جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم دميت إصبعه فقال : هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت وروي أن العجاج أنشد أبا هريرة : ساقا بخنداة وكعبا أدرما . فقال : كان النبي عليه الصلاة والسلام يعجبه نحو هذا من الشعر . قال الحربي : فأما القصيدة فلم يبلغني أنه أنشد بيتا تاما على وزنه ، إنما كان ينشد الصدر أو العجز ، فإن أنشده تاما لم يقمه على ما بني عليه ، أنشد صدر بيت لبيد :

                                                          ألا كل شيء ما خلا الله باطل

                                                          وسكت عن عجزه وهو :

                                                          وكل نعيم لا محالة زائل

                                                          وأنشد عجز بيت طرفة :

                                                          ويأتيك بالأخبار من لم تزود

                                                          وصدره :

                                                          ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

                                                          وأنشد ذات يوم :

                                                          أتجعل نهبي ونهب العبيـ     ـد بين الأقرع وعيينة

                                                          [ ص: 200 ] فقالوا : إنما هو : بين عيينة والأقرع فأعادها : بين الأقرع وعيينة ، فقام أبو بكر فقال : أشهد أنك رسول الله . ثم قرأ وما علمناه الشعر وما ينبغي له . والرجز ليس بشعر عند أكثرهم . وقوله : أنا ابن عبد المطلب لم يقله افتخارا به ; لأنه كان يكره الانتساب إلى الآباء الكفار ، ألا تراه لما قال له الأعرابي : يا ابن عبد المطلب قال : قد أجبتك ، ولم يتلفظ بالإجابة كراهة منه لما دعاه به ، حيث لم ينسبه إلى ما شرفه الله به من النبوة والرسالة ، ولكنه أشار بقوله : أنا ابن عبد المطلب إلى رؤيا رآها عبد المطلب كانت مشهورة عندهم ، رأى تصديقها ، فذكرهم إياها بهذا القول . والله أعلم .

                                                          * وفي حديث ابن مسعود من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز إنما سماه راجزا لأن الرجز أخف على لسان المنشد ، واللسان به أسرع من القصيد .

                                                          ( هـ ) وفيه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرس يقال له المرتجز سمي به لحسن صهيله .

                                                          * وفيه إن معاذا أصابه الطاعون فقال عمرو بن العاص : لا أراه إلا رجزا أو طوفانا ، فقال معاذ : ليس برجز ولا طوفان قد جاء ذكر الرجز مكررا في غير موضع ، وهو بكسر الراء : العذاب والإثم والذنب . ورجز الشيطان : وساوسه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية