الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( رجع ) * في حديث الزكاة فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية التراجع بين الخليطين : أن يكون لأحدهما مثلا أربعون بقرة ، وللآخر ثلاثون ومالهما مشترك ، فيأخذ العامل عن الأربعين مسنة ، وعن الثلاثين تبيعا ، فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على خليطه ، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على خليطه ; لأن كل واحد من السنين واجب على الشيوع ، كأن المال ملك واحد . وفي قوله : بالسوية . دليل على أن الساعي إذا ظلم أحدهما فأخذ منه زيادة على فرضه فإنه لا يرجع بها على شريكه ، وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب عليه دون الزيادة . ومن أنواع التراجع أن يكون بين رجلين أربعون شاة ، لكل واحد منهما عشرون ، ثم كل واحد منهما يعرف عين ماله ، فيأخذ العامل من غنم أحدهما شاة ، فيرجع على شريكه بقيمة نصف شاة . وفيه دليل على أن الخلطة تصح مع تمييز أعيان الأموال عند من يقول به .

                                                          ( هـ ) * وفيه أنه رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء ، فسأل عنها المصدق فقال : إني ارتجعتها بإبل . فسكت الارتجاع : أن يقدم الرجل بإبله المصر فيبيعها ثم يشتري بثمنها غيرها فهي الرجعة بالكسر ، وكذلك هو في الصدقة إذا وجب على رب المال سن من الإبل فأخذ مكانها سنا أخرى ، فتلك التي أخذ رجعة ; لأنه ارتجعها من الذي وجبت عليه .

                                                          ( هـ ) * ومنه حديث معاوية شكت بنو تغلب إليه السنة ، فقال : كيف تشكون الحاجة مع اجتلاب المهارة وارتجاع البكارة أي تجلبون أولاد الخيل فتبيعونها وترتجعون بأثمانها البكارة للقنية ، يعني الإبل .

                                                          ( هـ ) وفيه ذكر رجعة الطلاق في غير موضع . وتفتح راؤها وتكسر على المرة والحالة ، وهو ارتجاع الزوجة المطلقة غير البائنة إلى النكاح من غير استئناف عقد .

                                                          * وفي حديث السحور فإنه يؤذن بليل ; ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم القائم : هو الذي [ ص: 202 ] يصلي صلاة الليل ، ورجوعه : عوده إلى نومه ، أو قعوده عن صلاته إذا سمع الأذان . ويرجع : فعل قاصر ومتعد ، تقول : رجع زيد ، ورجعته أنا ، وهو هاهنا متعد ; ليزاوج " يوقظ " .

                                                          ( س ) وفي صفة قراءته عليه الصلاة والسلام يوم الفتح أنه كان يرجع الترجيع : ترديد القراءة ، ومنه ترجيع الأذان . وقيل هو تقارب ضروب الحركات في الصوت . وقد حكى عبد الله بن مغفل ترجيعه بمد الصوت في القراءة نحو : آء آء آء ، وهذا إنما حصل منه والله أعلم يوم الفتح ; لأنه كان راكبا ، فجعلت الناقة تحركه وتنزيه ، فحدث الترجيع في صوته .

                                                          ( س ) وفي حديث آخر غير أنه كان لا يرجع ووجهه أنه لم يكن حينئذ راكبا ، فلم يحدث في قراءته الترجيع .

                                                          ( س ) وفيه أنه نفل في البدأة الربع ، وفي الرجعة الثلث أراد بالرجعة عود طائفة من الغزاة إلى الغزو بعد قفولهم ، فينفلهم الثلث من الغنيمة ; لأن نهوضهم بعد القفول أشق ، والخطر فيه أعظم . وقد تقدم هذا مستقصى في حرف الباء . والرجعة : المرة من الرجوع .

                                                          * ومنه حديث ابن عباس من كان له مال يبلغه حج بيت الله ، أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل ، سأل الرجعة عند الموت أي سأل أن يرد إلى الدنيا ليحسن العمل ، ويستدرك ما فات . والرجعة : مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم . ومذهب طائفة من فرق المسلمين من أولي البدع والأهواء ، يقولون : إن الميت يرجع إلى الدنيا ويكون فيها حيا كما كان ، ومن جملتهم طائفة من الرافضة يقولون : إن علي بن أبي طالب مستتر في السحاب ، فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء : اخرج مع فلان . ويشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى : حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا يريد الكفار ، نحمد الله على الهداية والإيمان .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن مسعود أنه قال للجلاد : اضرب وارجع يديك قيل : معناه أن لا يرفع يديه إذا أراد الضرب ، كأنه كان قد رفع يده عند الضرب ، فقال : ارجعها إلى موضعها .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن عباس أنه حين نعي له قثم استرجع أي قال : إنا لله وإنا إليه راجعون . يقال منه : رجع واسترجع . وقد تكرر ذكره في الحديث .

                                                          [ ص: 203 ] ( هـ ) وفيه أنه نهى أن يستنجى برجيع أو عظم الرجيع : العذرة والروث ، سمي رجيعا لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان طعاما أو علفا .

                                                          ( هـ ) وفيه ذكر غزوة الرجيع وهو ماء لهذيل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية