الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( سوق ) * في حديث القيامة يكشف عن ساقه الساق في اللغة الأمر الشديد . وكشف الساق مثل في شدة الأمر ، كما يقال للأقطع الشحيح : يده مغلولة ، ولا يد ثم ولا غل ، وإنما هو مثل في شدة البخل . وكذلك هذا لا ساق هناك ، ولا كشف . وأصله أن الإنسان إذا وقع في أمر شديد يقال شمر عن ساعده ، وكشف عن ساقه ; للاهتمام بذلك الأمر العظيم . وقد تكرر ذكرها في الحديث .

                                                          [ ص: 423 ] ( هـ ) ومنه حديث علي رضي الله عنه قال في حرب الشراة : لا بد لي من قتالهم ولو تلفت ساقي قال ثعلب : الساق هاهنا النفس .

                                                          ( س ) وفيه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة السويقة تصغير الساق ، وهي مؤنثة ، فلذلك ظهرت التاء في تصغيرها . وإنما صغر الساق لأن الغالب على سوق الحبشة الدقة والحموشة .

                                                          ( هـ ) وفي حديث معاوية قال رجل : خاصمت إليه ابن أخي فجعلت أحجه ، فقال أنت كما قال :

                                                          إني أتيح له حرباء تنضبة لا يرسل الساق إلا ممسكا ساقا

                                                          أراد بالساق هاهنا الغصن من أغصان الشجرة ، المعنى لا تنقضي له حجة حتى يتعلق بأخرى ، تشبيها بالحرباء وانتقالها من غصن إلى غصن تدور مع الشمس .

                                                          * وفي حديث الزبرقان الأسوق الأعنق هو الطويل الساق والعنق .

                                                          * وفي صفة مشيه صلى الله عليه وسلم كان يسوق أصحابه أي يقدمهم أمامه ويمشي خلفهم تواضعا ، ولا يدع أحدا يمشي خلفه .

                                                          * ومنه الحديث لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه هو كناية عن استقامة الناس وانقيادهم إليه واتفاقهم عليه ، ولم يرد نفس العصا ، وإنما ضربها مثلا لاستيلائه عليهم وطاعتهم له ، إلا أن في ذكرها دليلا على عسفه بهم وخشونته عليهم .

                                                          ( س ) وفي حديث أم معبد فجاء زوجها يسوق أعنزا ما تساوق أي ما تتابع . والمساوقة : المتابعة ، كأن بعضها يسوق بعضا . والأصل في تساوق تتساوق ، كأنها لضعفها وفرط هزالها تتخاذل ، ويتخلف بعضها عن بعض .

                                                          * وفيه وسواق يسوق بهن أي حاد يحدو بالإبل ، فهو يسوقهن بحدائه ، وسواق الإبل يقدمها .

                                                          * ومنه رويدك سوقك بالقوارير .

                                                          [ ص: 424 ] * وفي حديث الجمعة إذا جاءت سويقة أي تجارة ، وهي تصغير السوق ، سميت بها لأن التجارة تجلب إليها ، وتساق المبيعات نحوها .

                                                          ( س ) وفيه دخل سعيد على عثمان وهو في السوق أي في النزع ، كأن روحه تساق لتخرج من بدنه . ويقال له السياق أيضا ، وأصله سواق ، فقلبت الواو ياء لكسرة السين ، وهما مصدران من ساق يسوق .

                                                          * ومنه الحديث حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت .

                                                          ( س ) وفيه في صفة الأولياء إن كانت الساقة كان فيها ، وإن كان في الحرس كان فيه الساقة جمع سائق ، وهم الذين يسوقون جيش الغزاة ، ويكونون من ورائه يحفظونه .

                                                          * ومنه ساقة الحاج .

                                                          ( س ) وفي حديث المرأة الجونية التي أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل بها فقال لها : هبي لي نفسك فقالت : وهل تهب الملكة نفسها للسوقة السوقة من الناس : الرعية ومن دون الملك . وكثير من الناس يظنون أن السوقة أهل الأسواق .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه رأى بعبد الرحمن وضرا من صفرة فقال : مهيم ؟ فقال : تزوجت امرأة من الأنصار ، فقال : ما سقت منها ؟ أي ما أمهرتها بدل بضعها . قيل للمهر سوق ; لأن العرب كانوا إذا تزوجوا ساقوا الإبل والغنم مهرا ; لأنها كانت الغالب على أموالهم ، ثم وضع السوق موضع المهر ، وإن لم يكن إبلا وغنما . وقوله منها بمعنى البدل ، كقوله تعالى ، ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون أي بدلكم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية