ومنه الحديث إني فرط لكم على الحوض ، وإنه سيؤتى بكم رسلا رسلا فترهقون عني أي فرقا . والرسل : ما كان من الإبل والغنم من عشر إلى خمس وعشرين . وقد تكرر ذكر الأرسال في الحديث .
( هـ ) ومنه حديث طهفة ووقير كثير الرسل قليل الرسل يريد أن الذي يرسل من المواشي إلى الرعي كثير العدد ، لكنه قليل الرسل ، وهو اللبن ، فهو فعل بمعنى مفعل : أي أرسلها فهي مرسلة . قال الخطابي : هكذا فسره ابن قتيبة . وقد فسره العذري وقال : كثير الرسل : أي شديد التفرق في طلب المرعى ، وهو أشبه ، لأنه قال في أول الحديث : مات الودي وهلك الهدي ، يعني الإبل ، فإذا هلكت الإبل مع صبرها وبقائها على الجدب كيف تسلم الغنم وتنمي حتى يكثر عددها ؟ وإنما الوجه ما قاله العذري ، فإن الغنم تتفرق وتنتشر في طلب المرعى لقلته .
( هـ ) وفي حديث الزكاة النجدة : الشدة . والرسل بالكسر : الهينة والتأني . قال إلا من أعطى في نجدتها ورسلها الجوهري : يقال : افعل كذا وكذا على رسلك بالكسر : أي اتئد فيه ، كما يقال : على هينتك . قال : ومنه الحديث أي الشدة والرخاء . يقول يعطي وهي سمان حسان يشتد عليه إخراجها فتلك نجدتها . ويعطي في رسلها وهي مهازيل مقاربة . وقال إلا من أعطى في نجدتها ورسلها الأزهري : معناه إلا من أعطى في إبله ما يشق عليه عطاؤه ، فيكون نجدة عليه ، أي شدة ، ويعطي ما يهون عليه إعطاؤه منها مستهينا به على رسله . وقال الأزهري : قال بعضهم : في رسلها ، أي بطيب نفس منه . وقيل ليس للهزال فيه معنى ; لأنه ذكر الرسل بعد النجدة ، على جهة التفخيم [ ص: 223 ] [ للإبل ] فجرى مجرى قولهم : إلا من أعطى في سمنها وحسنها ووفور لبنها ، وهذا كله يرجع إلى معنى واحد ، فلا معنى للهزال ; لأن من بذل حق الله من المضنون به كان إلى إخراجه مما يهون عليه أسهل ، فليس لذكر الهزال بعد السمن معنى .
قلت : والأحسن - والله أعلم - أن يكون المراد بالنجدة : الشدة والجدب ، وبالرسل : الرخاء والخصب ; لأن الرسل اللبن ، وإنما يكثر في حال الرخاء والخصب ، فيكون المعنى أنه يخرج حق الله في حال الضيق والسعة ، والجدب والخصب ; لأنه إذا أخرج حقها في سنة الضيق والجدب كان ذلك شاقا عليه ، فإنه إجحاف به ، وإذا أخرجها في حال الرخاء كان ذلك سهلا عليه ; ولذلك قيل في الحديث : فسمى النجدة عسرا والرسل يسرا ; لأن الجدب عسر والخصب يسر ، فهذا الرجل يعطي حقها في حال الجدب والضيق وهو المراد بالنجدة ، وفي حال الخصب والسعة ، وهو المراد بالرسل . والله أعلم . يا رسول الله وما نجدتها ورسلها ؟ قال : عسرها ويسرها
( هـ ) وفي حديث الخدري رأيت في عام كثر فيه الرسل البياض أكثر من السواد ، ثم رأيت بعد ذلك في عام كثر فيه التمر السواد أكثر من البياض أراد بالرسل اللبن ، وهو البياض إذا كثر قل التمر ، وهو السواد .
وفي حديث صفية فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أي اثبتا ولا تعجلا : يقال : لمن يتأنى ويعمل الشيء على هينته . وقد تكررت في الحديث . على رسلكما
( هـ س ) وفيه أي ترتيل . يقال : ترسل الرجل في كلامه ومشيه : إذا لم يعجل ، وهو والترتيل سواء . كان في كلامه ترسيل
( س ) ومنه حديث عمر إذا أذنت فترسل . أي تأن ولا تعجل .
( س ) وفيه أيما مسلم استرسل إلى مسلم فغبنه فهو كذا الاسترسال : الاستئناس والطمأنينة إلى الإنسان والثقة به فيما يحدثه به ، وأصله السكون والثبات .
ومنه الحديث غبن المسترسل ربا .
[ ص: 224 ] ( هـ ) وفي حديث أبي هريرة أن رجلا من الأنصار تزوج امرأة مراسلا أي ثيبا . كذا قال الهروي .
وفي قصيدة كعب بن زهير :
أمست سعاد بأرض لا يبلغها إلا العتاق النجيبات المراسيل
المراسيل : جمع مرسال ، وهي السريعة السير .