الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إن كانت أمة بين حرين أو عبدين أو أحدهما ، أو ذمي ومسلم وطآها في طهر وأتت بولد قال ابن يونس : يريد لستة أشهر من يوم وطء الثاني ، وادعياه دعي له القافة فمن ألحقوه به لحقه ، فإن أشركوهما فيه والى إذا كبر أيهما شاء قاله عمر - رضي الله عنه - ، فإن والى الذمي لحق به ، والولد مسلم لاشتراكهما فيه ، وعن ابن القاسم : لا يوالي أيهما شاء ويبقى ابنا لهما ، [ ص: 355 ] ولا يزول النسب لشهوة الولد ، ويرث من كل واحد نصف الميراث ، وقال مطرف : تلحقه القافة بأولاهما شبها ، ولا يخبر في الموالاة ، قال مالك : والقائف الواحد العدل يجزئ ، وأجازه عمر - رضي الله عنه - ، وعن مالك : لا بد من اثنين كالشهادة فإن تعذرت القافة بعد الاجتهاد : والى بعد بلوغه أيهما شاء وهو أولى من قول من قال : يوقف حتى توجد القافة ، قال مالك : وإنما القافة في وطء الملك ، أما في الزواج فهو للأول ، إلا أن ينكح بعد حيضة فللآخر إن وضعته لستة أشهر فأكثر ، والفرق : أنها إنما يحكم بها عند تساوي الفراشين ، وهو في الإماء لتساوي الملك ، وكذلك حكم به عمر - رضي الله عنه - في الجاهلية لتساويها : وكذلك إذا وطئها البائع والمبتاع في طهر ، والحرة لا تكون امرأة لاثنين في حالة واحدة ، ولأن ولد الحرة ينتفي باللعان ، وولد الأمة ينتفي بغير لعان ، والقيافة اجتهاد فقام النفي بمجرد القول ، وعن مالك : إلحاق الحرائر بالإماء ; لأن القيافة علم فلا يختلف وهو أقيس ، والأول أحوط ، قال سحنون : فإن قالت : ليس لواحد منهما طلب له الآخرون ثم آخرون أبدا ; لأنها دعيت له آخرون لتلحق لا لتنفي ، قال ابن القاسم : وإن قالت القافة : اشتركا فيه عتقت عليهما الأمة مكانها ، ويوالي الصبي إذا بلغ من شاء وإن مات الولد - حيث قلنا بالموالاة - عن مال وهب له أو ورثه فهو بينهما نصفين كانا حرين أو عبدين ، أو أحدهما ، أو ذميا ومسلما فإن مات الأبوان قبل بلوغه وقف قدر ميراثه منهما حتى يبلغ فيوالي من شاء ، ويرثه ويرد ما وقف [ ص: 356 ] للآخر ، قال عبد الملك : يبقى لا أب له وتعتق الأمة عليهما ، وإنما ورثهما منه ولم يورثه منهما لأنهما تداعيا ميراثه ، والتداعي لا بد فيه من القضاء بخلافه ، قال أصبغ : يرث من كل واحد نصف ميراث ولد ، وهو توريث بالشك فإن مات أحدهما وقف مراثه للصبي ، فإن مات الصبي بعد موت أحدهما وميراثه منه موقوف فميراث الصبي للأب الباقي ، ويرد ما وقف من الأول لورثته ، قال ابن القاسم : ولو دخل الباقي فيما يورث عن الأب لدخل ورثته فيما يورث الصبي عن الأب لدخل ورثته في ميراث الصبي ، وقال سحنون : في مال الصبي ، يرث الباقي ما ترك الصبي ونصف ما ورث الصبي من الأول ، ويصبح للصبي من الأول نصف ما وقف له وإن كان للوصي الأول عصبة ورثت مع الباقي ما تركه الصبي ، قال سحنون : وإن وقف له ميراثه فمات الصبي قبل الموالاة فنصف ميراثه من كل أب موروث عنه لورثته من قبل أبويه جميعا ، لكل فريق نصف ميراثه يقتسمونه على الفرائض قال ابن القاسم : إذا مات بعدهما ورد ما كان وقف له من ميراثهما إلى ورثتهما دونه ، وميراثه لمن يرثه من الأبوين جميعا أقعد الناس به منهما نصف لكل فريق منها على قدر تعددهم بالصبي ، قال عيسى بن دينار : والنفقة عليه إلى حين بلوغه الموالاة على الشريكين ، فإذا والى أحدهما فلا يرجع عليه الذي لم يواله بشيء ، وقال أصبغ : ينفق المشتري حتى يبلغ فإن والاه فذلك أو البائع رجع ، وقال ابن عبد الحكم : ينفق الشريكان فإن مات أحدهما أنفق عليه مما أوقف منه له النصف ، [ ص: 357 ] والنصف على الحي ، فإن ماتا فله وأوقف له ميراثه منهما فوالاهما جميعا أخذ النصف من كل واحد ، وعصبة كل واحد النصف ، وقال عبد الملك : إن مات قبل الموالاة فماله بين الأبوين نصفان أو ماتا قبله بقي لا أب له ولم يرثهما ، قال سحنون : إن مات الصبي وترك ولدا قبل أن يوالي ، وهما حيان فلولده أن يوالي أو ولدين واليا جميعا واحدا ولا يفترقا ، كما كان لأبيهما ، قال ابن القاسم : إن وضعت من وطئهما توأمين واليا من أحبا ، ولكل واحد من الابنين أن يوالي من شاء من الأبوين ، قال سحنون : إذا قالت القافة في التوأمين : هذا من هذا ، والآخر من الآخر فإن كان الأول مليا قومت عليه ، وهي أم ولد له ، ويغرم نصف قيمتها يوم حملت ويرجع على الثاني بقيمة ولده ، وكانت له أم ولد ، وإن كان الأول معدما رجع عليه الثاني بنصف قيمة ولده ولا يرجع هو على الثاني بشيء ، وقيل : يرجع وتعتق عليهما الأمة ; لأنهما استولداها ، قال سحنون : إن كانا حرا وعبدا فوطآها في طهر فألحقت القافة الولد بالعبد فللحر أن يضمن للعبد قيمة نصيبه يوم الوطء أو يتماسك ; لأنها لا تخرج من رق إلى عتق ، كما لو وطئها أحد الحرين ولم تحمل ، وله نصف ولد العبد رقيقا ، وفي العتبية : إن ألحقته القافة بهما عتق على الحر ; لأنه عتق عليه نصفه فيقوم عليه باقيه ، ويغرم لسيد العبد ، ويقوم عليه نصيب العبد من الأمة ، ويصير له نصفها رقيقا ونصفها أم ولد ، وإن ولدها بعد ملكه لجميعها كملت أم ولد ، وإذا بلغ الصبي والى أيهما شاء ، وإن والى العبد فهو تبن له ، وهو حر ، فإن [ ص: 358 ] أعتق العبد ورثه ، فإن قالت القافة : اشتركا فيه عتق نصيب الحر من الأمة ، ونصيب العبد مقام أم ولد ، توفق بيده لا يطأها ولا يبيعها إلا بإذن السيد ، وتباع لغرمائه في دينه فإن كبر الصبي ووالى الحر لحق به ، وغرم نصف قيمته لسيد العبد ، أو والى العبد لحقه وبقي نصفه رقيقا لسيد العبد ونصفه حرا ، ولا يقوم على الحر ; لأنه ليس يعتق أبدا بل حكم لزمه ، كما لو ورث نصفه ، وإن كان أحدهما مسلما وألحقته القافة به فهو على دينه ، والأمة أم ولد له ، وغرم نصف قيمتها للكافر أو ألحقته بالكافر فهو على دينه ، والأمة أم ولد له ، ويغرم نصف قيمتها للمسلم ، فإن كانت كافرة أقرت عنده أم ولد ، أو مسلمة عتقت عليه ، وإن قالت القافة : اشتركا فيه فالأمة أم ولد معتقة بينهما ، والولد موقوف حتى يبلغ فيوالي المسلم فيكون على دينه أو الكافر فهو ولده ، ولا يترك على دينه ، فإن مات الكافر قبل بلوغ الصبي وقف له قدر ميراثه منه إن والاه أخذه ، أو المسلم رد الموقوف لورثة الكافر ، فإن ماتا قبل بلوغه وقف قدر ميراثه منهما ، أيهما والى أخذ ميراثه ، وجبر على الإسلام على التقديرين قاله كله أصبغ وهو استحسان لا قياس ، فإن مات قبل موتهما وقبل البلوغ رد ما وقف لورثتهما فإن ورث مالا وهب له أو ورثه فنصفه لعصبة أبيه المسلم بعد فرض ذوي الفروض فإن لم يكن لأبيه وراث مسلم فلبيت المال ، فإن حملت مسلمة من ثلاثة : عبد ، ومسلم ، وكافر ، وأشركتهم القافة فيه عتقت على المسلم والنصراني ، وقوم عليهما نصيب العبد فإن كانت نصرانية عتق جميعها على الحر المسلم ، وقوم عليه نصيبهما ، وإن نفته القافة عنهم دفع أبدا إلى غيرهم فإن أقر [ ص: 359 ] الآباء بالوطء في طهر : والى أيهم شاء ، ويتبعه بأمة إذا وضعته لستة أشهر من وطء أحدهم ادعوه أم لا ، أو ادعاه أحدهم وأنكره غيره فيكشف عن وطء المنكر ، فإن كان وطؤه يمكن فيه الإنزال اشتركوا فيه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إن وطئها أحد الشريكين والآخر في طهر بعده ، فالولد للآخر إن وضعته لستة أشهر من وطئه ، وغرم في ملائه لشريكه نصف قيمتها يوم الوطء ، ولا قيمة في الولد في ملائه ، وإن كان عديما فنصف قيمة الأم يوم حملها مع نصف قيمة الولد ، وبيع عليه نصفها في نصف قيمتها فإن كان ثمنه كفافا اتبعه بنصف قيمة الولد ، أو أنقص اتبعه بما نقص ، قال ابن يونس : يريد أو فيه فضل لم يتبع إلا بما بقي من نصف قيمتها ، وباقيها بحساب أم الولد ، وأتبع بنصف قيمة الولد ، والولد حر لاحق النسب . في الكتاب : إن وطئ أمته فباعها فوطئها المبتاع في ذلك الطهر وأتت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم البيع فهي أم ولد له ، أو لستة أشهر فأكثر فادعياه : دعي له القافة ، قال ابن يونس : قال يحي بن سعيد : إن أسقطت عتقت عليهما وقضي بالثمن عليهما ، وجلدا خمسين خمسين ، وكذلك إن ماتت قبل الوضع مصيبتها منهما ، وقال مطرف : مصيبتها من البائع طال الحمل أو لم يطل ، ويأخذ المبتاع ماله ، ويعاقب إن لم يعذر بجهل فإن أقر المشتري وأنكر البائع الوطء فأوقفها الإمام فماتت قبل تبين الحمل أو قبل ستة أشهر فالمصيبة من البائع ، وبعد ستة أشهر يلحق المشتري ولدت أم لا ماتت أو لا ، ولا ينظر له القافة إذا لم يقر البائع بالوطء فإن وطئها في طهر وماتت قبل تبين الحمل أو بعده فهو من البائع ، [ ص: 360 ] بخلاف الأمة بين الشريكين يطآنها في طهر ثم تموت بعد بيان الحمل أو قبله مصيبتها منهما ، فإن وضعت لأقل من ستة في وطء المتبايعين في طهر واحد فهي من البائع كان سقطا أو تاما ، حيا أو ميتا ، وهو ولد له وهي أم ولد : أو لستة أشهر من وطء المبتاع أو بعد نقصانها بالأهلة تقارب الوطآن في ذلك أم لا ، أو وطئ هذا اليوم وهذا غدا ، والولد سقط أو تام أي من المبتاع والولد له ، وهي له أم ولد ، ولا قافة في الأموات ، وإن كان حيا دعي له القافة ، وقال سحنون : إن مات بعد الوضع دعي له القافة ; لأن الموت لا يغير شخصه ، وقال في كتاب ابنه : إذا وطئها الشريكان أو المبتاعان وتموت قبل الوضع فضمانها منهما ، وعلى المشتري الأكثر من نصف قيمتها يوم وطئها أو نصف الثمن ، وإن أسقطت قبل ستة أشهر أو بعدها عتقت عليهما ويضمن المشتري الأكثر ، وإن مات أحد الأبوين قبل القافة فألحقوه بالحي لحق ، قال عبد الملك : وإلا لم يلحق بالميت لعل القافة لو كان حيا نفته عنهما ، وقال ابن حبيب : يلحق بالميت إذا برئ منه الحي للحصر ، وتعتق الأمة بموت الأول على أنها أم ولد ، فإن أشركته من الحي والميت وورث من الحي نصف ميراثه إن مات قبل أن يواليه ، فإن بلغ ووالاه فهو ابنه ، وله ميراثه كله ولا يرث من الميت الأول لأنها لا يلحق بابنه ميت ، وفي الكتاب : إن وطئها المشتري بعد الاستبراء لحق الولد إن [ ص: 361 ] ولدته لستة أشهر من وطئه أو لا فلا يلحق به ، وإن ادعاه لتبين كذبه ، ولا يحد ويلحق بالبائع ، إلا أن يدعي استبراء .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية