الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 230 ] تفريع

                                                                                                                في الكتاب : لا بأس أن يأخذ مالا على أن يعتق مدبره وولاؤه له ، ولا أحب بيعه ممن يعتقه ، ومن باع مدبره فمات بيد المبتاع ضمنه ، وأمسك البائع من الثمن قدر القيمة أن لو كان يحل بيعه على رجاء العتق له ، وخوف الرق عليه كمستملك الزرع يغرمه على الرجاء والخوف ، والفاضل بيد البائع يشتري بها مدبرا وإلا أعان به في رقبة ، وإن أعتقه المبتاع بعد العتق ، وولاؤه للمبتاع وجميع الثمن للبائع ، وإن وطئ المبتاع المدبرة فحملت فهي أم ولد له وبطل التدبير ; لأن الاستيلاد أقوى ، لأنه يعتق من رأس المال ولا يرجع على البائع بما بين قيمتها مدبرة وغير مدبرة ، قال ابن يونس : إذا أعتق المبتاع نفذ العتق في أحد قولي مالك ، قال ابن القاسم : لا يرجع المبتاع بشيء إذا أعتقه علم بالتدبير حين الشراء أم لا لانفساخ التدبير ، قال مالك : وليس على البائع في الثمن شيء فإن عمي خبره فلا يدري أمات أو عتق .

                                                                                                                قال ابن القاسم : يجعل الثمن كله في مدبر ، قال : والقياس إذا استقصى أمره وأيس منه : جعل ميتا كالمفقود ، وإن لم يعلم ببيعه حتى مات سيده وقد أحاط الدين بماله لم يرد لعدم الفائدة ، ولا دين عليه ، رد ، فإن لم يدع غير ثمنه أعتق ثلثه ، وللمبتاع رد الثلثين للضرر بالعتق إلا أن يكون علم حين البيع بالتدبير ، قال أبو عمران : إذا غاب اشترى عليه وجعل ثمنه في عبد مدبره فوجد الأول انتقض البيع ، ويغرم الثمن لمشتريه ، ويمضي التدبير في العبدين كالهدي الواجب يضل فيبدله ويشعر الثاني فيجد الأول فينحرهما جميعا ، والفرق بين موته فيجعل فضل ثمنه كله : أن الميت علم أنه لا يدركه عتق وفضل ثمنه كعضو بقي منه والغائب لم ينفسخ تدبيره فهو مدبر تام كالهدي يضل ، والفرق بين موته وموت المكاتب بعد البيع : أنه يسوغ له [ ص: 231 ] جمع الثمن أن المكاتب له تعجيل نفسه إذا لم يكن له مال ظاهر ، فرضاه ببيعه رضا بالفسخ ، ولا يجوز للمدبر فسخ تدبيره ، قال ابن القاسم : إن باعه الورثة بعد موت السيد لغرض فتغير المقرض في سوقه أو أخذ قيمة ذلك العرض في فوته ، لحصول العتق بالموت أو لا مال لسيده مأمون ، ومات المدبر لحدثان بيعه قبل النظر في مال الميت فهو من المبتاع ، وينفذ بيعه وإن مات بعد طول الزمان ، وعرفانه : كأن يخرج من الثلث فمصيبته من الورثة ، ويأخذ المشتري قيمة عرضه ; لأنه بيع فاسد اتصل به التغيير فيمضي بالقيمة ، فإن خرج بعضه في الثلث رجع بقدر ذلك ، ومصيبته ما رق من المشتري ، وإذا باعه مدبرا ولم يعلم فأعتقته عن رقبة واجبة أجزأك عند ابن القاسم لانفساخ التدبير والولاء لك ، ولا يرجع لشيء ، ولا يجزئ عند أشهب وينفذ العتق ، ولا شيء لك ، وإن باعك بشرط العتق : رد ما لم يفت بالعتق فينفذ والولاء للبائع لانعقاده له أولا ، وكذلك المكاتب وإن بيع المكاتب ولم يشترط عتقه ، فأعتقه المبتاع نفذ عتقه عند ابن القاسم وأشهب ، والولاء للمشتري عند ابن القاسم ، وقاله أشهب إن بيع بعلم مكاتب ورضاه على أنه عبد ، لأنه رضي بالعجز وإلا فالولاء للسيد ، ورد عبد الملك بيعه ونقض عتقه ورده لكاتبه ; لأنه محرم وإن وهبك مدبره في صحته فحرمته فمات ولا مال له غيره عتق ثلثه وثلثاه لك قاله ابن القاسم ، ولذلك إذا تصدق به على ابنه الكبير وحازه في صحة أبيه ، ولو كان مثل هذا حيازة ; لأنه فعل في المدبر ما يحرم ، ولأنه لو نازع الغرماء الابن الكبير في تقدم الدين الصدقة ألزم الغرماء البينة ، وفي الصغير تقدم الدين حتى [ ص: 232 ] يثبت بأجرة ، قاله مالك ، وقال ابن القاسم : يرد الصدقة وإن قبضت من الأجنبي أو الولد ، يرد في حياة السيد ، وكذلك مكاتب والمعتق إلى أجل ، قال أصبغ : إن لم يعثر على هذا حتى مات السيد عتق في ثلثه وما لم يحمله رق للورثة ; لبطلان الصدقة ، وعن ابن القاسم : المتصدق والمشتري ولي بما رق منه لكشف الغيب عدم العتق في البقية ، فإن مات المتصدق به عليه وقد أوصى بعتقه فلا وصية له ، ويرد مدبر السيد ، وكذلك لو أعتقه في صحته بخلاف المشتري يعتق أو يوصي بعتقه فيعتق في ثلثه ، ويرق الباقي للبائع ; لأنه ضمنه بالشراء ، وبيعه مختلف فيه قاله أصبغ ، قال : والقياس إذا عتق بوجه ما يجوز عتقه ; لحصول مقصود التدبير فلا يرد إلى الرق لأمر موهوم ، قال محمد : إذا وهبه ثم مات وقد استحدث دينا بعد الهبة رق للموهوب إن أحاط به الدين أو ما رق منه إن لم يحط به ، أو الدين قبل الهبة فالدين أولى ، فإن اجتمع المتقدم والمتأخر والمتقدم درهم والمتأخر يغترق بقيته بيع كله للمتقدم قاله أشهب ، وقال محمد : يباع بقدر المتقدم فقط ، ويدخل معهم فيه الآخرون ، ويرق باقيه للموهوب له قاله ابن القاسم ، وإذا أشهده قبل النكاح صحيح ، ويرد إلى سيده ، وللزوجة قيمته عبدا كالاستحقاق ، وإن مات السيد لم يترك غيره عتق ثلثه ، ورجعت بقيمة ثلثه ، وخيرت في إمساكها رق ورده ، ويرجع بقيمة جميعه ، وإن علمت أنه مدبر فسد النكاح وفسخ قبل البناء وثبت بعده ; لأن الصداق غير مقصود في النكاح ولها صداق المثل وعتق في ثلثه ، فإن كان عليه دين يرقه فأمسكته المرأة لأجل صداقها فيجري الخلاف في القرض يشترى شرات فاسدا فيفلس البائع ويمسك الثمن ، قال اللخمي : إذا ولدت المدبرة من المشتري ردت وأخذ من المشتري الثمن ، وهل عليه قيمة الولد إذا غره البائع ولم [ ص: 233 ] يعلم بالتدبير ؟ خلاف : وغرم القيمة أحسن وإن كاتبه المشتري ، ثم مات البائع والثلث يحمله ، عتق عليه وردت الكتابة ، وإن كان عليه دين يرقه مضى البيع والكتابة ، وإن لم يخلف غيره عتق ثلثه ومضت الكتابة في الثلثين ، فإن لم يمت السيد وأدى الكتابة عتق على أحد قولي مالك وإن لم ينظر فيه حتى عجز .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية